أبي طَالب من أهل بَاب الْمَرَاتِب كَانَ يعرف بِسَعْد الْأمة كَانَ منشئاً فَاضلا كَاتبا سديداً مليح الْخط عَزِيز الْفضل وَلما دخل عميد الْملك الكندري بغداذ سَأَلَ عَمَّن بهَا من أَوْلَاد الأكابر لينادمه فأحضر لَهُ أخوا سعد الْأمة فآثرهما كثيرا وَكَانَ سعد الْأمة فَقِيرا فَقَالَ لأخويه لَو أوصلتماني إِلَى هَذَا الْوَزير لنظر فِي حَالي فامتنعا فَكتب رقْعَة بِخَطِّهِ فِي كاغدٍ حسنٍ وأوصلها إِلَى الْوَزير فَلَمَّا قَرَأَ عنوانها ابْن أَيُّوب قَالَ من تكون من صاحبيّ فَقَالَ أخوهما فهجرهما الْوَزير وَأَقْبل على سعد الْأمة وخلع عَلَيْهِ كل مَا كَانَ عَلَيْهِ بمركوبه واستكتبه فِي الْإِنْشَاء بِالْعَرَبِيَّةِ ثمَّ سَافر مَعَه وفوض إِلَيْهِ مَا فِيهِ الْمَنَافِع إِلَى أَن أثرت حَاله وَكثر كراعه فَقَالَ لَهُ لَيْلَة إِن هَذَا السُّلْطَان قد تغير عَليّ فارحل عني غَدا وَأظْهر فراقي وكراهيتي ثمَّ أقِم أَيَّامًا وارحل إِلَى بغداذ سالما بل لي إِلَيْك حَاجَة هِيَ هَذَا الملصق توصله إِلَى أخي دبيس بالحلة المزيدية وَكَانَ بَينهمَا مؤاخاة فَلَمَّا فعل ذَلِك وشاع الْخَبَر بِمَا جرى من فِرَاق سعد الْأمة للوزير قصد بغداذ فَبَلغهُ الْخَبَر فِي الطَّرِيق بِالْقَبْضِ على الْوَزير وَصَارَ إِلَى دبيس وأوصله الملصق فَلَمَّا رَآهُ بَكَى وعانقه وَقَالَ يعز عَليّ يَا أخي فراقك لأخي فَلَمَّا فض الملصق إِذا هُوَ مَكْتُوب إِن كل أحد يحفظ عهد الْحَيّ وَإِنَّمَا الْأَحْسَن أَن يحفظ عهد الْمَيِّت بعده فِي مخلفيه وَخَلْفِي موصل هَذِه الرقعة فمهما فعلته فِي حَقه فَهُوَ فِي حَقي فَلَمَّا قَرَأَهَا دبيس اشْتَدَّ بكاؤه وَقَالَ هَل عرفت مَا فِي الْكتاب فَقَالَ لَا فَأَقْرَأهُ إِيَّاه ثمَّ سَأَلَهُ عَمَّا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ من جراية ومعيشة وَغير ذَلِك فأضعفه لَهُ وَأقَام عِنْده إِلَى أَن مَاتَ وَتُوفِّي سنة سبعين وَأَرْبع مائَة
٣ - (صَاحب الْخط الْمليح)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَسد بن عَليّ بن سعيد أَبُو الْحسن بن أبي الْحسن الْكَاتِب البغداذي صَاحب الْخط الْمليح وَكَانَ أَبوهُ أَيْضا يكْتب خطا مليحاً ذكره الْخَطِيب فِي تَارِيخه وروى عَنهُ حَدِيثا
وَتُوفِّي أَبُو الْحُسَيْن سنة ثَلَاثِينَ وَأَرْبع مائَة)