٣ - (أَبُو الرّبيع الْعَبدَرِي)
سُلَيْمَان بن أَحْمد بن عليّ بن غَالب الْعَبدَرِي الْكَاتِب أَبُو الرّبيع من أهل دانية سكن مرّاكش بَعْدَمَا جالِ فِي الأندلس وَكَانَ جدّه عليّ وَأَبوهُ أَحْمد وأخواه مُحَمَّد وَيحيى شعراء ولبيتهم تباهة وَولي أَبُو العبّاس مِنْهُم قَضَاء مالقة وامتحن فِي قصّة عليّ الجزيري الثائر حِين اشتدّ الطّلب عَلَيْهِ وَقيل إنّه أطلق أَخَاهُ من السجْن بمالقة بِأَلف دِينَار رشوةً فأُسلم إِلَى صَاحب الشرطة فَضَربهُ ألف سَوط فَهَلَك قبل استيفائها وأُمر بِهِ فصُلب بِإِزَاءِ جذع الجزيري وَذَلِكَ فِي سنة ستّ وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة فَقَالَ ابْنه أَبُو الرّبيع هَذَا يرثيه من الْكَامِل
(يَا مَن رَأى بَدْرَ لِتمامِهِ ... عَبَثَتْ بِهِ أيْدِي الزَمانِ تَثَرُّفا)
(وَلَقَدْ نَظَرتُ إليهِ أقلَّهُ ... كالرُمْحِ عُرِّضَ من سِنانِ أرْهَفا)
(جَهَدَ الترابُ بِهِ ليَستُرَ شَخَصَهُ ... فَإِذا بِهِ قَدْ كَانَ مِنْه ألْطَفا)
)
(وكأَنَّه رام اللِحاق بعالم ال ... عُلْوِ الَّذِي هُوَ مِنهُمُ فاستَوْقَفا)
(وَشجاه نَوحُ الباكياتِ لِفَقْدِه ... فثوى هُنَالك رِقَّةً وتَعَطُّفَا)
وَقَالَ فِيهِ أَيْضا من الْبَسِيط
(لَو لَمْ تُعَذَّرْ عَلَيْهِ مِيتَةٌ سَبَقَتْ ... ورامَها كُلُّ أَهْلِ الأرضِ مَا قَدرا)
(فاضَتْ جُفونُكَ أنْ قَامُوا فأعْظُمُهُ ... وَقد تَطايَرَ عَنْها اللَحْمَ وانْتَثَرا)
(وأَوْثَقُوه إِلَى جذْعٍ بِمُثَثَةٍ ... يُنَكِّسُ الطَرْفُ عَنْها كُلَّ مَنْ نَظَرا)
(ضاقَتْ بِهِ الأرضُ مِمّا كانَ حَمَّلها ... مِن الأيادِي فَمَجَّتْ شِلْوَهُ ضَجَرا)
(وَعَزَّ إِذْ ذَاك أنْ يَحْظَى بِهِ كَفَنٌ ... فَمَا تَسَرْبَلَ إلاّ الشَمْسَ والقمرا)
(لَم تَضْحَ أعْظُمْهُ يَوماً وَلَا ظَمِئَتْ ... قَلْبي لَهُنَ وَدَمْعي مُزْنَةٌ وتَرَى)
مِنْهَا
(ولَيْلَةٍ من حَظِيّات الزَّمَان مَضَتْ ... حالفْتُ فِيهَا الأسى والدَمعَ والسَهَرا)
(غَنَّى بهَا الكَبْل إِذْ غَنَّى فَأسْمَعَني ... فِي رِجْل أحمدَ يَحكي حَيَّةً ذَكرا)
(يَا أحمدَ بنَ عليَّ هُبَّ مِنْ وَسَنٍ ... فَمَا عَهُدْتُك تَكْرَى قَبْلها سَحَرا)
(تاقَ الدُجى والمُصَلَّ تَحْتَ غَيْبتهِ ... إِلَى تِلاوَتك الآياتِ والسُوَرا)
(قَدْ كُنتَ فِيه سرِاجاً نَستَضيءُ بِهِ ... حتّى إِذا مَا خَبّتْ أنوارُك اعْتَكَرا)