وَمن شعر قطري بن الْفُجَاءَة
(أَقُول لَهَا وَقد طارت شعاعاً ... من الْأَبْطَال وَيحك لَا تراعي)
(فَإنَّك لَو سَأَلت بَقَاء يَوْم ... على الْأَجَل الَّذِي لَك لم تطاعي)
(فصبراً فِي مجَال الْمَوْت صبرا ... فَمَا نيل الخلود بمستطاع)
(وَلَا ثوب الْحَيَاة بِثَوْب عز ... فيطوى عَن أخي الخنع اليراع)
(سَبِيل الْمَوْت غَايَة كل حَيّ ... وداعيه لأهل الأَرْض دَاع)
(وَمن لَا يغتبط يسأم ويهرم ... وتسلمه الْمنون إِلَى انْقِطَاع)
(وَمَا للمرء خير فِي حياةٍ ... إِذا مَا عد من سقط الْمَتَاع)
وَقد سَاق الْمبرد فِي كِتَابه قِطْعَة جَيِّدَة من أَخْبَار الْخَوَارِج)
٣ - (بنت خمارويه)
قطر الندى بنت خمارويه زَوْجَة المعتضد بِاللَّه كَانَت بديعة الْجمال أديبة عَاقِلَة توفيت فِي حُدُود التسعين والمائتين لما تولى المعتضد الْخلَافَة بَارِد إِلَيْهِ خمارويه أَبوهَا بالهدايا والتحف فأقره على عمله وَسَأَلَهُ أَن يُزَوّج ابْنَته للمستكفي بِاللَّه بن المعتضد وَهُوَ إِذْ ذَاك ولي الْعَهْد فَقَالَ المعتضد بل أَنا أَتَزَوَّجهَا فَتَزَوجهَا سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ صَدَاقهَا ألف ألف دِرْهَم
وجهز العتضد ابْن الْجَصَّاص الْجَوْهَرِي من بَغْدَاد لإحضارها وَكَانَت مَوْصُوفَة بفرط الْجمال وَالْعقل حكى أَنه كَانَ فِي جهازها ألف هاون ذَهَبا
وَقيل إِن المعتضد خلا بهَا يَوْمًا للأنس فِي مجْلِس أفرده لَهَا مَا أحضرهُ سواهَا فَأخذت مِنْهُ الكأس فَنَامَ على فَخذهَا فَلَمَّا اسْتَقل وضعت رَأسه على مخدة وَخرجت فَجَلَست فِي ساحة الْقصر
فَاسْتَيْقَظَ فَلم يجدهَا فاستشاط غَضبا ونادى بهَا فأجابته فَقَالَ الم أخلك إِكْرَاما لَك ألم أدفَع إِلَيْك مهجتي دون سَائِر حظاياي فتضعين رَأْسِي على مخدة وتذهبين فَقَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا جهلت قدر مَا أَنْعَمت بِهِ عَليّ وَلَكِن فِيمَا أدبني بِهِ أبي أَن قَالَ لَا تنامي بَين جُلُوس وَلَا تجلسي بَين نيام