الشَّاشِي أَبُو نصر الشَّافِعِي أَحْمد بن عبد الله
(شارية ٥٣٢٧)
٣ - (الْمُغنيَة)
شارية الْمُغنيَة كَانَت مولدة من مولدات الْبَصْرَة يُقَال أَن أَبَاهَا كَانَ رجلا من بني سامة بن لؤَي المعروفين ببني نَاجِية وَأَنه جَحدهَا وَكَانَ قد اشْتَرَاهَا امْرَأَة من بني هَاشم فأدبتها وعلمتها الْغناء ثمَّ اشْتَرَاهَا إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي فَأخذت غناءه كُله عَنهُ أَو أَكْثَره وَبِذَلِك يحْتَج من يقدمهَا على عريب وَقيل إِنَّهَا عرضت على إِسْحَاق الْموصِلِي فَأعْطى بهَا ثَلَاثمِائَة دِينَار ثمَّ استغلاها فجيء بهَا إِلَى إِبْرَاهِيم ابْن الْمهْدي فاشتراها بذلك ثمَّ دَعَا بِقِيمَتِه وَدفعهَا إِلَيْهَا وَقَالَ لَا تريني إِيَّاهَا سنة وَقَوْلِي للجواري يطرحن عَلَيْهَا فَلَمَّا كَانَ بعد سنة أخرجت إِلَيْهِ فَنظر إِلَيْهَا وسمعها فَأرْسل إِلَى إِسْحَاق وَأرَاهُ إِيَّاهَا وغنت لَهُ وَقَالَ لَهُ هَذِه جَارِيَة تبَاع بكم تأخذها لنَفسك فَقَالَ إِسْحَاق بِثَلَاثَة آلَاف دِينَار وَهِي رخيصة بهَا فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم أتعرفها قَالَ لَا قَالَ هِيَ الَّتِي استعرضتها بثلاثمائة دِينَار وَلم ترض بهَا فَبَقيَ إِسْحَاق يتعجب من حَالهَا وَمَا صَارَت إِلَيْهِ ثمَّ إِن أمهَا تحيلت على إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي وأرادت إخْرَاجهَا عَن ملكه فَلَمَّا أحس بذلك أعْتقهَا وَتَزَوجهَا وَأصْدقهَا عشرَة آلَاف دِرْهَم وَقيل إِنَّه لما بلغه ذَلِك أشهد عَلَيْهِ أَن شارية صَدَقَة على مَيْمُونَة ابْنَته وَأشْهد ابْنه هبة الله بذلك ثمَّ إِنَّه ابتاعها من مَيْمُونَة بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم وَكَانَ يطَأ شارية على أَنَّهَا أمته وَهِي تظن أَنَّهَا مَوْطُوءَة حرَّة وَلما مَاتَ إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي أظهرت مَيْمُونَة الْخَبَر وَشهد بذلك أَخُوهَا فابتاعها المعتصم بِخَمْسَة آلَاف دِينَار وَقيل إِنَّه ابتاعها بثلاثمائة ألف دِرْهَم وَقيل إِن المعتصم أعطي فِيهَا سبعين ألف دِينَار فَلم يبعها وَقيل إِن الواثق كَانَ يسميها ستي وَكَانَت تعلم فريدة الْغناء قَالَ جحظة كنت يَوْمًا عِنْد الْمُعْتَمد)
فغنت شارية بِشعر مَوْلَاهَا إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي ولحنه
(يَا طول غلَّة قلبِي الْمُعْتَاد ... إلْف الْكِرَام وصحبة الأمجاد)
(مَا زلت آلف كل يَوْم ماجداً ... مُتَقَدم الْآبَاء والأجداد)
فَقَالَ لَهَا أَحْسَنت وَالله فَقَالَت هَذَا غنائي وَأَنا عَارِية فَكيف لَو كنت كاسية فَأمر لَهَا بِأَلف ثوب من جَمِيع أَصْنَاف الثِّيَاب الْخَاصَّة فَحمل ذَلِك إِلَيْهَا وَأمر بِإِخْرَاج سير الْخُلَفَاء فَأقبل بهَا الغلمان يحملونها فِي دفاتر عِظَام قَالَ يحيى بن المنجم فتصفحناها كلهَا فَمَا وجدنَا أحدا قبله فعل ذَلِك أصلا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute