(ذَاك مغنى لآل جَفْنَة فِي الده ... ر محلا لحادثات الزَّمَان)
(قد أَرَانِي هُنَاكَ دهراً مكيناً ... عِنْد ذِي التَّاج مقعدي ومكاني)
(ودنا الفصح والولائد ينظم ... ن سرَاعًا أَكلَة المرجان)
قَالَ فَبكى حَتَّى جعلت الدُّمُوع تسيل على لحيته ثمَّ قَالَ أَتَدْرِي من قَائِل هَذِه الأبيات قلت لَا قَالَ حسان بن ثَابت
ثمَّ أنشأ يَقُول من الطَّوِيل
(تنصرت الْأَشْرَاف من أجل لطمةٍ ... وَمَا كَانَ فِيهَا لَو صبرت لَهَا ضَرَر)
(تكنفني مِنْهَا لجاجٌ ونخوةٌ ... وبعت لَهَا الْعين الصَّحِيحَة بالعور)
(فيا لَيْت أُمِّي لم تلدني وليتني ... رجعت إِلَى القَوْل الَّذِي قَالَه عمر)
(وَيَا لَيْتَني أرعى الْمَخَاض بقفرةٍ ... وَكنت أَسِيرًا فِي ربيعَة أَو مُضر)
ثمَّ سَأَلَني عَن حسان بن ثَابت أَحَي هُوَ قلت نعم فَأمر لي بِمَال وَكِسْوَة ونوق موقرة برا
ثمَّ قَالَ لي إِن وجدته مَيتا فأدفعها إِلَى أَهله وانحر الْجمال على قَبره
فَلَمَّا قدمت على عمر أخْبرته خبر جبلة وَمَا دَعوته إِلَيْهِ من الْإِسْلَام وَالشّرط الَّذِي اشْتَرَطَهُ وَأَنِّي لم أضمن لَهُ الْأَمر فَقَالَ لي هلا ضمنت لَهُ الْأَمر فَإِذا أَفَاء الله بِهِ إِلَى الْإِسْلَام قضى علينا بِحكمِهِ عز وَجل
ثمَّ ذكرت لَهُ الْهَدِيَّة الَّتِي أهداها إِلَيّ حَيَّان بن ثَابت فَبعث إِلَيْهِ فَأتى وَقد كف بَصَره وقائد يَقُودهُ فَلَمَّا دخل قَالَ إِنِّي أجد ريح آل جَفْنَة عنْدك
قَالَ نعم هَذَا رجل أقبل من عِنْده
قَالَ هَات يَا بن أخي مَا بعث إِلَيّ مَعَك قلت وَمَا علمك قَالَ يَا بن أخي إِنَّه كريم من عصبَة كرام مدحته فِي الْجَاهِلِيَّة فَحلف أَن لَا يلقى أحدا يعرفنِي إِلَّا أهْدى إِلَيّ مَعَه شَيْئا
قَالَ فَدفعت إِلَيْهِ المَال وَالثيَاب وأخبرته بِمَا كَانَ أَمر بِهِ فِي الْإِبِل إِن وجدته مَيتا قَالَ وددت لَو كنت مَيتا فنحرت على قَبْرِي
قَالَ ثمَّ جهزني عمر إِلَى قَيْصر وَأَمرَنِي أَن أضمن لجبلة مَا اشْتَرَطَهُ)
فَلَمَّا قدمت الْقُسْطَنْطِينِيَّة وجدت النَّاس رَاجِعين من جنَازَته فَعلمت أَن الشَّقَاء عَلَيْهِ مَكْتُوب فِي أم الْكتاب
قلت قَوْله وبعت لَهَا الْعين الصَّحِيحَة بالعور يُرِيد بالعوراء فَوضع الْمصدر مَوضِع الصّفة وَقد يكون أَرَادَ بِذَات العور فَحذف الْمُضَاف وَأبقى الْمُضَاف إِلَيْهِ
٣ - (ابْن سحيم)
جبلة بن سحيم بِالسِّين الْمُهْملَة المضمومة وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة