وَأمره بِالْكِتْمَانِ ثمَّ إنّه رأى رؤيَا ثَانِيَة وَقَالَ لَهُ مَا فعلتَ شَيْئا ممّا وافقتُك عَلَيْهِ فَقَالَ بلَى قَالَ كَانَ فِي نَفسك بقيّة شُبهةٍ وَحمله إِلَى بَاب الْمَسْجِد الَّذِي فِي المشرعة وَعَلِيهِ رجل خراساني نَائِم على قَفاهُ وجوفه كالغِرارة المحشوّة من الاسْتِسْقَاء ويداه وقَدَماه منتفختان فأمرّعلى بَطْنه يَدَه فَقَامَ الرجل صَحِيحا ثمَّ رَآهُ مرّةً ثَالِثَة فَقَالَ يَا هَذَا كم آمُرُك بِمَا أُرِيد فِيهِ الْخَيْر لَك فَقَالَ أَنا متصرَّف عليّ قَالَ بلَى وَلَكِن لَا يُغني الْبَاطِل الْجَمِيل مَعَ الظَّاهِر الْقَبِيح وَإِن كنتَ تراعي أمرا فمراعاتك الله أولى قُم الْآن وَافْعل مَا يحب فَقَالَ السّمع وَالطَّاعَة فانتبه وَذهب إِلَى الْحمام وَجَاء إِلَى المشهد وصلّى فِيهِ وَكتب مُصحفاً فَرَأى بعض شُهُود رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام وَهُوَ يَقُول قل لهَذَا الْمُسلم نويتَ تكْتب مُصحفاً فاكتبه يتم إسلامك وَكتب لفخر الْملك أبي غَالب مُحَمَّد بن خلف وَلما مَاتَ أودعهُ ثَلَاثِينَ ألف دِينَار وَلم تؤخَذ مِنْهُ لِأَن الْوَزير مؤيد الْملك أَبَا عَليّ الْحسن بن الْحُسَيْن الزحجي كَانَ صاحبَه واعترف هُوَ لَهُ بذلك فَقَالَ هِيَ لَك فَعَاشَ فِيهَا إِلَى أَن مَاتَ وَلأبي الْحُسَيْن من التصانيف كتاب التأريخ ذيَله على تأريخ ثَابت بن سنانٍ الصابىء الطَّبِيب وَكَانَ نسيبَه بدا فِيهِ من سنة سِتِّينَ وثلاثمائة وقطعه على سنة سبع وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة وذيل عَلَيْهِ ابْنه غَرس النِّعْمَة كتاب الدولة البُوَبهية وَله كتاب غُرّر البلاغة فِي الرسائل من كَلَامه كتاب رِسَالَة أَنْشَأَهَا عَن الْمَمْلُوك والوزراء تقَارب رسائل جده أبي إِسْحَاق وَكتاب رسوم دَار الْخلَافَة وَكتاب أَخْبَار بَغْدَاد كتاب الوزراء ذيّله على كتاب الصولي أَو الجهشياري وَكتاب مآثر أَهله كتاب الكتّاب كتاب السياسة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة
٣ - (الْمَازِني الشَّاعِر)
هِلَال بن الأسعَر بن خالدٍ من بني مَازِن من بني تميمٍ كَانَ شَاعِرًا إسلاميّاً أدْرك الدولة الأُموية قَالَ صَاحب الأغاني أَظُنهُ أدْرك الدولة العبّاسية وَكَانَ رجلا شَدِيدا عظيمَ الخَلق معدوداً فِي الَأكلة وَكَانَ فَارِسًا شجاعاً قَالَ وَقد سُئل مرّة إِنِّي جُعتُ يَوْمًا وَمَعِي بَعِيري)
فنحرتُه وأكلته إلاّ مَا بَقِي حَملتُه على ظَهْري ثمَّ أردتُ المجامعة فَلم أقدر فَقَالَت إمرأتي كَيفَ تصل إليّ وبيننا بعيرٌ فَقيل لَهُ وَكم تكفيك هَذِه الأكلةُ قَالَ أربعةَ أيامٍ وَقَالَ شيخٌ من مازنٍ أَتَانَا هِلَال فَأكل جميعَ مَا فِي بيتنا فَبَعَثنَا إِلَى الْجِيرَان نُقرِض الْخبز فَلَمَّا رأى اخْتِلَاف الْخبز عَلَيْهِ قَالَ هَل عنْدكُمْ سَوِيقٌ قُلْنَا نعم فجئتهُ بجراب طَوِيل فِيهِ سَويق وَبَين يَدَيْهِ نَبِيذ فصبّ السويق كُله وصبّ عَلَيْهِ النَّبِيذ حَتَّى أَتَى عَلَيْهِ كلّه وَقَالَ الْمَدَائِنِي مرّ هِلَال على رجلٍ من بني مَازِن بِالْبَصْرَةِ قد حمل من بستانه رُطَباً فِي زواريقَ فَجَلَسَ على زورق مِنْهَا وَقد كُثِبَ الرُطَب فِيهَا وغطّاه بالبواري فَقَالَ يَا ابْن عمّ آكُلُ من