للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣ - (نصر الدولة صَاحب ميافارقين)

أَحْمد بن مَرْوَان بن دوستك الْكرْدِي الْحميدِي نصر الدولة صَاحب ميافارقين ودياربكر ملك الْبِلَاد بعد قتل أَخِيه أبي سعيد مَنْصُور فِي قلعة الهتّاخ قيل إنّه الَّذِي قتل أَخَاهُ وَكَانَ رجلا مسعوداً عالي الهمة حسن السياسة كثير الحزم قضى من اللَّذَّات وَبلغ من السَّعَادَة مَا يقصّر عَنهُ الْوَصْف وَنقل ابْن الْأَزْرَق فِي تَارِيخه أنّه لم يصادر أحدا فِي أَيَّامه غير شخص وَاحِد وقصّ قصَّة لَا حَاجَة إِلَيْهَا وَأَنه لم تفته صَلَاة الصُّبْح مَعَ انهماكه فِي اللَّذَّات وَكَانَ لَهُ ثَلَاثمِائَة وَسِتُّونَ جَارِيَة يَخْلُو كل لَيْلَة من السّنة مَعَ وَاحِدَة مِنْهُنَّ وَلَا تعود النّوبَة إِلَيْهَا إِلَّا بعد سنة وَقسم أوقاته فِي مصَالح دولته ولذاته والاجتماع بأَهْله وألزمه وَخلف أَوْلَادًا كَثِيرَة وقصده شعراء عصره ومدحوه ووزر لَهُ الْوَزير أَبُو الْقَاسِم المغربي مرَّتَيْنِ وفخر الدولة ابْن جهير وهما وزيرا خليفتين وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة قتل فِي قصره بالسدلي وعاش سبعا وَسبعين سنة وَكَانَت إمارته اثْنَتَيْنِ وَخمسين سنة قَالَ سبط ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْمرْآة وَكَانَ عِنْده الْحَبل الْيَاقُوت الْأَحْمَر الَّذِي كَانَ لبني بويه وأنفذه إِلَى طغرلبك مَعَ هَدَايَا كَثِيرَة تَسَاوِي ثَلَاثمِائَة ألف دِينَار وَمَعَ مائَة ألف دِينَار عينا وَكَانَ مدارياً إِذا قَصده عَدو يَقُول كم مِقْدَار مَا ينْفق لرده فَإِذا قيل مائَة ألف دِينَار مثلا بعث بهَا إِلَى الْعَدو فَيدْفَع شَره ويأمن على عسكره من المخاطرة وَتزَوج عدَّة من بَنَات الْمُلُوك وَكَانَ فِي قصره ثَلَاثَة آلَاف جَارِيَة عمالات يبلغ شرى الْجَارِيَة الْوَاحِدَة من ألف دِينَار إِلَى خَمْسَة عشر ألف دِينَار وَملك خَمْسمِائَة سَرِيَّة سوى توابعهن وَخَمْسمِائة خَادِم وَكَانَ فِي مَجْلِسه من الْأَوَانِي والآلات والجواهر مَا يزِيد على مِائَتي ألف دِينَار ورخصت الأسعار فِي زَمَانه وتظاهر النَّاس بالأموال ووفد إِلَيْهِ الشُّعَرَاء وَسكن عِنْده الْعباد وبلغه أَن الطُّيُور تخرج من الْجبَال إِلَى الْقرى فِي الشتَاء فتصاد فَأمر بِفَتْح الأهراء وَأَن يحمل إِلَيْهَا من الأهراء مَا يشبعها وَكَانَت الطُّيُور فِي ضيافته طول عمره وَلَا يتجاسر أحد أَن يصيد طيراً وَقيل لبَعض أَصْحَابه إِن أَيَّام نصر الدولة كَانَت ثَلَاثًا وَخمسين سنة فَقَالَ لَا بل مائَة وست سِنِين فَقيل لَهُ وَكَيف قَالَ لِأَن لياليه كَانَت أحسن من أَيَّامه

ووفد عَلَيْهِ منجّم حاذق من الْهِنْد فَأكْرمه فَقَالَ لَهُ يَوْمًا أَيهَا الْأَمِير يخرج على دولتك بعْدك)

رجل قد أَحْسَنت إِلَيْهِ وأكرمته فَيَأْخُذ الْملك من ولدك ويقلع الْبَيْت وَلَا يلبث إِلَّا مُدَّة يسيرَة وَتُؤْخَذ مِنْهُ ففكر سَاعَة وَكَانَ الْوَزير ابْن جهير وَاقِفًا على رَأسه فَرفع رَأسه إِلَيْهِ وَقَالَ إِن كَانَ صَحِيحا فَهُوَ هَذَا الشَّيْخ فَقبل ابْن

<<  <  ج: ص:  >  >>