فَلَمَّا قَرَأَهَا وَجه جمَاعَة فِي طلبه وَقَالَ الويل لكم إِن فاتكم فلحقوه وردوه إِلَيْهِ فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ وتلقاه وَقَالَ يَا أخي عجلت علينا وَمَا كُنَّا نقتصر على ذَلِك وَإِنَّمَا بعثنَا إِلَيْك نَفَقَة وعولنا بك على مَا يتلوها فَاعْتَذر إِلَيْهِ ثمَّ أعطَاهُ حَتَّى أرضاه فَقَالَ بكر بن النطاح يمدحه من ذَلِك
(فَتى جاد بالأموال من كل جَانب ... وأنهبها فِي عوده وبداته)
(فَلَو خذلت أَمْوَاله جود كَفه ... لقاسم من يرجوه شطر حَيَاته)
(فَإِن لم تَجِد فِي الْعُمر قسْمَة باذل ... وَجَاز لَهُ الْإِعْطَاء من حَسَنَاته)
(لجاد بهَا من غير كفر بربه ... وشاركهم فِي صَوْمه وَصلَاته)
قلت فِي قَوْله من غير كفر بربه زِيَادَة مليحة وَهُوَ من بَاب حَشْو اللوزينج وَقَالَ
(كريم إِذا مَا جِئْت طَالب فَضله ... حباك بِمَا تحوي عَلَيْهِ أنامله)
(وَلَو لم يكن فِي كَفه غير نَفسه ... لجاد بهَا فليتق الله سائله)
وَقد وجدت هَذِه الأبيات الأول والثواني فِي قصيدتي أبي تَمام المشهورتين والقطعة الأولى أوردهَا صَاحب الأغاني لِابْنِ النطاح والبيتان الثانيان أوردهما المرزباني فِي مُعْجَمه لِابْنِ النطاح وهما أخبر النَّاس بذلك وَهَذِه مصالتة لَا سَرقَة وَأما أَبُو الطّيب فَإِنَّهُ أَخذه وَقصر عَنهُ حَيْثُ قَالَ)
(وَلَو يممتهم فِي يَوْم حشر ... لأعطوك الَّذِي صلوا وصاموا)
وَمن شعر بكر بن النطاح
(فرعاء تسحب من قيام شعرهَا ... وتغيب فِيهِ وَهُوَ جثل أسحم)
(فَكَأَنَّهَا فِيهِ نَهَار مشرق ... وَكَأَنَّهُ ليل عَلَيْهَا مظلم)
وَمِنْه أَيْضا
(مَلَأت يَدي من الدُّنْيَا مرَارًا ... فَمَا طمع العواذل فِي اقتصاري)
(وَمَا وَجَبت عَليّ زَكَاة مَال ... وَهل تجب الزَّكَاة على جواد)
وَتُوفِّي بكر بن النطاح فِي حُدُود الْمِائَتَيْنِ
٣ - (ابْن وَائِل الْكُوفِي)
بكر بن وَائِل بن دَاوُد التَّيْمِيّ الْكُوفِي روى لَهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه
وَقَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِهِ بَأْس
وَتُوفِّي فِي حُدُود الْأَرْبَعين وَالْمِائَة