عبد الرَّحْمَن الْقَزاز قَالَ محب الدّين ابْن النجار كتب عَنهُ وَكَانَ شَيخا حسنا لَا بَأْس بِهِ توفّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وست مائَة
٣ - (القَاضِي ابْن البهلول الْحَنَفِيّ)
أَحْمد بن إِسْحَاق بن البهلول بن حسّان بن سِنَان أَبُو جَعْفَر التنوخي الْأَنْبَارِي الأَصْل ولي الْقَضَاء بِمَدِينَة الْمَنْصُور عشْرين سنة وَمَات سنة ثَمَانِي عشرَة وَثَلَاث مائَة قَالَ أَبُو بكر الْخَطِيب حدث حَدِيثا كثيرا وروى عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَأَبُو حَفْص بن شاهين والمخلص وَجَمَاعَة وَكَانَ ثِقَة انْتهى وَكَانَ مفنناً فِي عُلُوم شَتَّى مِنْهَا الْفِقْه على مَذْهَب أبي حنيفَة وَأَصْحَابه وَرُبمَا)
خالفهم فِي مسيئلات وَكَانَ تَامّ الْعلم باللغة حسن الْقيام بالنحو على مَذْهَب الْكُوفِيّين حفظَة للشعر الْقَدِيم والْحَدِيث وَالْأَخْبَار الطوَال وَالسير وَالتَّفْسِير شَاعِرًا خَطِيبًا حسن الخطابة لسناً صَالح الْخط فِي الترسل والبلاغة ورعاً متثبتاً فِي الحكم تقلد الْقَضَاء بالأنبار وهيت وَطَرِيق الْفُرَات من قبل الْمُوفق ثمَّ تقلد للمعتضد بعض كور الْجَبَل وَلم يخرج إِلَيْهَا ثمَّ قَلّدهُ المقتدر عبد فتْنَة المعتز الْقَضَاء بِمَدِينَة الْمَنْصُور وَولي أَبُو الْحُسَيْن الْأُشْنَانِي قَضَاء الْمَدِينَة بحيلة مِنْهُ عوضا عَن أبي جَعْفَر الْمَذْكُور وَصرف فِي الْيَوْم الثَّالِث وأعيد الْعَمَل إِلَى أبي جَعْفَر فَامْتنعَ من قبُوله وَرفع يَده عَن النّظر فِي جَمِيع مَا كَانَ إِلَيْهِ وَقَالَ أحب أَن يكون بَين الصّرْف والقبر فُرْجَة وَلَا أنزل من القلنسوة إِلَى الحفرة وَقَالَ
(تركت الْقَضَاء لأهل القضا ... وَأَقْبَلت أسمو إِلَى الْآخِرَه)
(فَإِن يَك فخراً جليل الثنا ... فقد نلْت مِنْهُ يدا فاخره)
(وَإِن كَانَ وزراً فأعبد بِهِ ... فَلَا خير فِي إمرة وازره)
فَقيل لَهُ فابذل شَيْئا حَتَّى يرد الْعَمَل إِلَى ابْنك أبي طَابَ فَقَالَ مَا كنت لأتحملها حَيا وَمَيتًا وَقد خدم ابْني السُّلْطَان وولاه الْأَعْمَال فَإِن استوثق خدمته قَلّدهُ وَإِن لم يرتض صرفه قَالَ التنوخي وَكَانَ يَقُول الشّعْر تأدباً وتطرباً وَمَا علمت أَنه مدح أحدا بِشَيْء مِنْهُ وَله قصيدة طَوِيلَة طردية وَحمل النَّاس عَنهُ علما كثيرا وَقَالَ فِي الْوَزير ابْن الْفُرَات
(قل لهَذَا الْوَزير قولَ مُحِقٍّ ... بَثَّهُ النُصحَ أيَّما إبثاثِ)
(قد تقلَّدتَها ثَلَاثًا ثَلَاثًا ... وَطَلَاق الْبَتَات عِنْد الثَّلَاث)
فَكَانَ الْأَمر على مَا قَالَه فَابْن الْفُرَات قتل عبد الوزارة الثَّالِثَة فِي محبسه وَقَالَ
(وحرقة أورثتها فرقة دنفاً ... حيران لَا يَهْتَدِي إِلَّا إِلَى الْحزن)
(فِي جِسْمه شغل عَن قلبه وَله ... فِي قلبه شغل عَن سَائِر الْبدن)