النَّاس يَتَّهِمُونَهُ بِهِ فَقَالَ أَبوهُ إِنَّك أتلفت عرضك بصحبتك الظافر وتحدث النَّاس فِي أمركما فاقتله حَتَّى تسلم من هَذِه التُّهْمَة فَلَمَّا أصبح حضر عَبَّاس إِلَى بَاب الْقصر وَطلب الْحُضُور عِنْد الظافر فِي مُهِمّ على الْعَادة فَطَلَبه الخدم فِي الْمَوَاضِع الَّتِي عَادَته أَن يكون بهَا فَلم يجدوه فَقَالُوا لَهُ مَا نعلم أَيْن هُوَ فَنزل عَن مركوبه وَدخل الْقصر بِمن مَعَه مِمَّن يَثِق إِلَيْهِم وَقَالَ للخدم اخْرُجُوا لي أخوي مَوْلَانَا فأخرجوا لَهُ جِبْرِيل ويوسف ابْني الْحَافِظ فَسَأَلَهُمَا عَنهُ فَقَالَا لَهُ سل ولدك عَنهُ فَإِنَّهُ أعلم بِهِ منا فَقَالَ هَذَانِ قتلا مَوْلَانَا فَضرب رقابهما ثمَّ استدعى وَلَده الفائز عِيسَى وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى وعمره خمس سِنِين وَقيل سنتَانِ وَحمله على كتفه ووقف فِي صحن الدَّار وَأدْخل الْأُمَرَاء وَقَالَ هَذَا ولد مولاكم وَقد قتل عماه أَبَاهُ وَقد قتلتهما كَمَا ترَوْنَ فأخلصوا لَهُ الطَّاعَة فَقَالُوا بأجمعهم سمعنَا وأطعنا وَانْفَرَدَ عَبَّاس بِالْأَمر وَلم يبْق على يَده يدٌ وَأما أهل الْقصر فَاطَّلَعُوا على بَاطِن الْأَمر فكاتبوا الصَّالح ابْن رزيك وَكَانَ وَالِي منية ابْن خصيب وَقَطعُوا شُعُورهمْ وسيروها طي مكاتبتهم فاستمال جمعا من الْعَرَب وَقصد الْقَاهِرَة فهرب عَبَّاس من وقته وَمَعَهُ شَيْء من مَاله وَمَعَهُ ابْنه نصر وَأُسَامَة بن منقذ الْمَذْكُور يُقَال إِنَّه الَّذِي أَشَارَ عَلَيْهِمَا بقتل الظافر وَالله أعلم وقصدوا طَرِيق الشَّام على أَيْلَة فَدخل الصَّالح ابْن رزيك بِغَيْر قتال إِلَى الْقَاهِرَة وَمَا قدم شَيْئا على الدُّخُول إِلَى دَار عَبَّاس واستحضر الْخَادِم الصَّغِير الَّذِي كَانَ مَعَ الظافر وَسَأَلَهُ عَن الْمَكَان الَّذِي قتل فِيهِ فَعرفهُ بِهِ وَقلع البلاطة الَّتِي كَانَت عَلَيْهِ واستخرج الظافر وَمن قتل مَعَه فانتشر الصياح والبكاء وَمَشى الصَّالح أَمَام الْجِنَازَة ودفنوا الظافر فِي تربتهم الْمَعْرُوفَة بهم فِي الْقصر وتكفل الصَّالح بالصغير ودبر)
أمره وكاتبت أُخْت الظافر الفرنج بعسقلان وشرطت لَهُم مَالا جزيلاً على إمْسَاك عَبَّاس فَخَرجُوا عَلَيْهِ وصادفوه وأمسكوه وَقتلُوا عباساً واخذوا مَاله وَولده وَانْهَزَمَ أَصْحَابه وَفِيهِمْ أُسَامَة ابْن منقذ وسيرت الفرنج نصرا فِي قفص حَدِيد إِلَى الْقَاهِرَة فتسلموه عَنْهُم وتسلموا مَا شرطُوا لَهُم وَكَانَ دُخُوله سَابِع عشْرين ربيع الأول سنة خمسين وَخَمْسمِائة وَأخرج من الْقصر يَوْم الِاثْنَيْنِ سادس عشر شهر ربيع الآخر من السِّتَّة وَقد قطعت يَده الْيُمْنَى وجرُّض جِسْمه بِالْمَقَارِيضِ وضربوه بالسياط وصلبوه بعد ذَلِك على بَاب زويلة وأنزلوه يَوْم عَاشُورَاء سنة إِحْدَى وَخمسين وَخَمْسمِائة
وَكَانَ مُدَّة الظافر فِي الْخلَافَة خمس سِنِين وزر لَهُ سليم بن مصال الْأَفْضَل إِلَى أَن خرج عَلَيْهِ الْعَادِل ابْن السلار وَتمكن من المملكة إِلَى أَن قَتله ابْن امْرَأَته كَمَا سَيَأْتِي فِي تَرْجَمَة الْعَادِل إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَأَقَامَ فِي الوزارة أَبَا نصر عباساً فَكَانَ آخر أمره مَعَهُمَا مَا كَانَ مِمَّا ذكرته
وَالْجَامِع الظافري الَّذِي جوا بَاب زويلة هُوَ الَّذِي عمره ووقف عَلَيْهِ شَيْئا كثيرا
٣ - (عماد الدّين ابْن درباس)
إِسْمَاعِيل بن عبد الْملك بن عِيسَى بن درباس ابْن قَاضِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute