للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِمَامًا)

مناظراً بَصيرًا بِالْأَحْكَامِ جيد الْعَرَبيَّة ذكياً كَامِلا نبيلاً رَئِيسا شَاعِرًا محسناً فصيحاً مفوهاً وافر الْعقل كَامِل السؤدد روى عَنهُ الدمياطي فِي مُعْجَمه شَيْئا من نظمه توفّي كهلاً سنة خمس وَتِسْعين وست مائَة ودرس فِي أَمَاكِن كبار وَولي الوزارة مَعَ الْقَضَاء ثمَّ استعفى من الوزارة

أَخْبرنِي الْحَافِظ فتح الدّين مُحَمَّد بن سيد النَّاس قَالَ كَانَ يجلس وَكتاب الحكم بَين يَدَيْهِ والموقعون وتعمل محاسبات الضَّمَان من خاطره أَو كَمَا قَالَ وَتَوَلَّى الْقَضَاء بعده الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد وَأَخْبرنِي من لَفظه الْعَلامَة أثير الدّين أَبُو حَيَّان قَالَ كَانَ نَاظر الخزانة السُّلْطَانِيَّة ودرس بالصالحية وَفِي قبَّة الشَّافِعِي وبالشريفية وبالمشهد وَتَوَلَّى مشيخة الشُّيُوخ بخانقاه سعيد السُّعَدَاء وَتَوَلَّى الخطابة بالجامع الْأَزْهَر وَله خطب ونثر ونظم وَكَانَ فصيحاً جزلاً فِي أَحْكَامه يقظاً مهيباً كثير التَّحَرُّز وَالِاجْتِهَاد فِي من يَنُوب عَنهُ وَكَانَ من بقايا الْعلمَاء الفصحاء وَمن أحد رجال الْكَمَال بالديار المصرية

وامتحن فِي الدولة الأشرفية على يَد الصاحب شمس الدّين ابْن السلعوس ثمَّ نجاه الله تَعَالَى مِنْهُ قلت فِي تَرْجَمَة الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن دقي الْعِيد كَلَام لَهُ علاقَة بِهَذِهِ التَّرْجَمَة وَيُقَال أَنه لما حكم بتعزيره نهره ابْن السلعوس وأقامه فَقَالُوا لَهُ هَذَا تَعْزِير مثل هَذَا فَقَالَ لَا بُد من زِيَادَة فَقَالُوا ينزل من القلعة إِلَى بَاب زويلة مَاشِيا وَلم ينله مِنْهُ مَكْرُوه بعد عَزله من الْقَضَاء أَكثر من ذَلِك وَسكن القرافة وَتَوَلَّى التدريس بِالْمَدْرَسَةِ الْمُجَاورَة لضريح الشَّافِعِي ثمَّ سَافر إِلَى الْحَج فقضي الْفَرِيضَة وزار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأنْشد بهَا القصيدة البليغة من نظمه وَهِي الْكَامِل

(النَّاس بَين مرجز ومقصد ... ومطولٍ فِي مدحه ومجود)

(ومخبر عَمَّن روى ومعبر ... عَمَّا رَآهُ من العلى والسؤدد)

وَمِنْهَا

(مَا فِي قوى الأذهان حصر صفاتك ال ... عليا وَمَا لَك من كريم المحتد)

(وتفاوت المداح فِيك بِقدر مَا ... بصروا بِهِ من نورك المتوقد)

(وَمن الْمُحِيط بكنه معنى مدهش ... بهر بالعقول بمصدر وبمورد)

)

(فَإِذا البصائر فِيهِ تنفذ أدْركْت ... مِنْهُ مَعَاني حسنها لم ينْفد)

(ورأتك فِي مرآتها شمس الضُّحَى ... طلعت بِكُل تنوفة وبفدفد)

(فأفادت الْبَصَر الصَّحِيح إنارة ... يقوى على الْبَصَر الضَّعِيف الأرمد)

(وأخو الْهوى فِي طرفه وفؤاده ... مرض يصد عَن الطَّرِيق الأقصد)

<<  <  ج: ص:  >  >>