بِثَلَاثِينَ وجهّز الْخَلِيفَة إِلَيْهِم عبد الله بن عكيم المحدّث وَجَمَاعَة مَعَه فأحضر أَبُو طَاهِر شُهُودًا ليشهدوا عَلَى نوّاب الْخَلِيفَة بِتَسْلِيمِهِ ثُمَّ أخرج لَهُم أحد الحجرين المصنوعين فَقَالَ لَهُ عبد الله بن عكيم إِن لَنَا فِي حجرنا علامتين لَا يسخن بالنَّار وَلَا يغوص فِي المَاء فأحضر مَاء وَنَارًا وألْقى الْحجر فِي المَاء فغاص ثمّ أَلْقَاهُ فِي النَّار فحمي وَكَاد يتشقّق فَقَالَ لَيْسَ هَذَا بحجدرنا ثُمَّ أحضر الْحجر الآخر الْمَصْنُوع وَقَدْ ضَمَّخَهُمَا بالطيب وغشّاهما بالديبالج إِظْهَارًا لكرامته فَفعل بِهِ عبد الله بن عُكَيْم كَذَلِك ثُمَّ قَالَ لَيْسَ هَذَا بحجرنا فأحضر الْحجر الْأسود بِعَيْنِه فَوَضعه فِي المَاء فطفا وَلَمْ يغص ثُمَّ وَضعه فِي النَّار فَلم يسخن فَقَالَ هَذَا حجرنا فَعجب أَبُو طَاهِر وَسَأَلَهُ عَن معرفَة طَرِيقه فَقَالَ عبد الله بن عكيم حدّثنا فلَان عَن فلَان أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْحجر الْأسود يَمِين الله فِي أرضه خلقه الله تَعَالَى من درّة بَيْضَاء من الجنّة وإنمّا اسودّ من ذنُوب النَّاس يحْشر يَوْم الْقِيَامَة وَلَهُ عينان ينظر بهما وَلَهُ لِسَان يتَكَلَّم بِهِ يشْهد لكلّ من استلمه أَو قبّله بِالْإِيمَان وأنّه حجر يطفو عَلَى المَاء وَلَا يسخن بالنَّار إِذا أوقدتْ عَلَيْهِ فَقَالَ أَبُو طَاهِر هَذَا دين مضبوط بِالنَّقْلِ
قلت وَقَالَ بَعضهم إنّ القرامطة أخذُوا الْحجر مرّتين فَيحْتَمل أنّ المرّة الأولى رَدّه بِكِتَاب الْمهْدي وَالثَّانيَِة ردّه لمّا اشتُري مِنْهُ أَو بِالْعَكْسِ وَالله أعلم
وَقصد القرامطة أَطْرَاف الشَّام وفتحوا سلميّة وبعلبك وَقتلُوا غَالب من بهما من الْمُسلمين وَخرج المكتفي بِنَفسِهِ فِي جَيش عَظِيم لمّا عزموا عَلَى حِصَار دمشق فَكثر الضجيج بِمَدِينَة السَّلَام وَسَار حتّى نزل الرقّة وبثّ الجيوش بَيْنَ حلب وحماة وحمص وعادت القرامطة تقصد حِصَار حلب فَالتقى الْجَمْعَانِ بتمنع مَوضِع بَينه وَبَين حماة اثْنَا عشر ميلًا وَكَانَ ذَلِكَ سنة إِحْدَى وَتسْعُونَ وَمِائَتَيْنِ أيّام وَالِده أبي سعيد فَانْهَزَمَ جمع القرامطة وتبعهم الْمُسلمُونَ وحملوهم إِلَى بَغْدَاد وقُتلوا ثُمَّ قَامَ القرامطة أَيْضا وَكثر حربهم وَلَمْ يزَالُوا إِلَى أَن مَاتَ أَبُو سعيد كَمَا ذُكر فِي تَرْجَمته
وَقَالَ أَبُو طَاهِر ابْنه وَقيل إنّه ملك دمشق وَقتل جَعْفَر بن فلاح نَائِب المصريّين كَمَا تقدذم ثُمَّ بلغ عَسْكَر القرامطة إِلَى عين شمس وَهِي عَلَى بَاب الْقَاهِرَة وظهروا عَلَيْهِم ثمَّ انتصر أهل مصر عَلَيْهِم فَرَجَعُوا عَنْهُم وَلَمْ يزل النَّاس مِنْهُم فِي شدّة وبلاء وقُتل أَبُو طَاهِر سُلَيْمَان سنة)
اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة
٣ - (جمال الدّين ابْن ريّان)
سُلَيْمَان بن أبي الْحسن بن سُلَيْمَان بن ريّان الطَّائِي جمال الدّين
سألتُه عَن مولده فَقَالَ فِي حادي عشْرين شهر رَمَضَان سنة ثَلَاث وستّين وستً مائَة كَانَ وَالِده رجلا صَالحا من أهل الْقُرْآن حرص عَلَى وَلَده هَذَا وأقرأه الْقُرْآن الْكَرِيم وَكَانَ يمنعهُ من عشرَة أَقَاربه وَإِذا رَآهُ يكْتب القبطي المعرّب يضْربهُ وينكر عَلَيْهِ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute