(يَأْخُذ من مَاله وَمن دَمه ... لم يمس من ثَأْره على وَجل)
(لَهُ رِقَاب الْمُلُوك خاضعةٌ ... من بَين حافٍ وَبَين منتعل)
قلت مَا للْمُتَقَدِّمين فِي التهكم أحسن من هَذِه الأبيات لِأَنَّهُ هجو بَالغ أبرزه فِي صُورَة الْمَدْح
وَكَانَ إِبْرَاهِيم يَرْمِي بالزندقة وَكَانَ الْمهْدي أَخذه وأحضر كتبه فَلم يجد فِيهِ شَيْئا من ذَلِك فَأَمنهُ)
وَكَانَ يكْتب فِي مَجْلِسه بَين يَدَيْهِ وَكَانَ من بلغ النَّاس وأفصحهم ثمَّ صَحَّ عِنْده إِن فِيهِ شَيْئا مِمَّا كَانَ اتهمَ بِهِ فَاطْرَحْهُ وأقصاه فَسَاءَتْ بعد ذَلِك حَاله وَاحْتَاجَ إِلَى مسالة النَّاس وَكَانَ أحد المطبوعين محجاجاً منطقياً وَمن نظمه لما رمي بالزندقة
(قد كنت قبل الْيَوْم أدعى مُؤمنا ... فاليوم صَار الْكفْر من أسمائي)
وَمن نظمه لما اختلت حَاله يُخَاطب بعض إخوانه
(هَب لي فديتك درهما ... أَو دِرْهَمَيْنِ إِلَى ثلَاثه)
(إِنِّي أحب بني الطفي ... ل وَلَا أحب بني علاثه)
وَمِنْه
(إِذا مَا منحت الْجَاهِل الْحلم لم تزل ... بِجَهْل مضل مِنْهُ تهدي ركائبه)
(وَإِن عِقَاب الْجَاهِلين لذاهبٌ ... بِفَضْلِك فَانْظُر أَيْن إِذْ أَنْت رَاكِبه)
قَالَ المرزباني أَحْسبهُ بَقِي إِلَى الْمَأْمُون وَقَالَ محب الدّين ابْن النجار ذكر أَنه مَاتَ سنة ثَمَان وَتِسْعين وَمِائَة قلت وسيابة بِالسِّين الْمُهْملَة وَالْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعد الْألف بَاء مُوَحدَة وهاء على وزن أراكة وَهِي البلحة وَبهَا سمي الرجل فَإِذا شددته ضممته وَقلت سيابة على وزن جمارة
٣ - (ابْن سيابة)
إِبْرَاهِيم بن سيابة قَالَ صَاحب الأغاني هُوَ من موَالِي بني هَاشم من موَالِي بني هَاشم وَلَيْسَ لَهُ شعر شرِيف وَلَا نباهة وَإِنَّمَا كَانَ يمِيل بمودته إِلَى إِبْرَاهِيم الْموصِلِي وَابْنه فغنيا فِي شعره وذكراه عِنْد الْخُلَفَاء والوزراء وَكَانَ خليعاً طيب النادرة ويحكى أَنه عشق سَوْدَاء فلامه أَهله فِيهَا فَقَالَ
(يكون الْخَال فِي وَجه قبيحٍ ... فيكسوه الملاحة والجمالا)
(فَكيف يلام معشوق على من ... يَرَاهَا كلهَا فِي الْعين خالا)