٣ - (ابْن شرِيف)
ابْن الوحيد الْكَاتِب مُحَمَّد بن شرِيف بن يُوسُف الْكَاتِب شرف الدّين ابْن الوحيد صَاحب الْخط الفايق وَالنّظم والنثر كَانَ تَامّ الشكل حسن البزة مَوْصُوفا بالشجاعة متكلماً بعدة ألسن يضْرب الْمثل بِحسن كِتَابَته توفّي سنة إِحْدَى عشرَة وَسبع ماية وَقد شاخ فِي شهر شعْبَان سَافر إِلَى الْعرَاق وَاجْتمعَ بياقوت المجود واتهم فِي دينه قيل أَنه وضع الْخمر فِي الدواة وَكتب بهَا الْمُصحف وَأَخُوهُ مدرس الباذرائية مِمَّن يحط عَلَيْهِ ويذكره بالسوء وَكَانَ قد اتَّصل بِخِدْمَة بيبرس الجاشنكير وَأَعْجَبهُ خطه فَكتب لَهُ ختمة فِي سَبْعَة أَجزَاء بلقية ذهبية قلم الْأَشْعَار ثلث كَبِير قطع الْبَغْدَادِيّ دخل فِيهَا جملَة من الذَّهَب أعطَاهُ لَهَا الجاشنكير برسم الليقة لَا غير ألفا وست ماية دِينَار أَو ألفا وَأَرْبع ماية دِينَار فَدخل الختمى سِتّ ماية دِينَار وَأخذ الْبَاقِي فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ مَتى يعود آخر مثل هَذَا يكْتب مثل هَذِه الختمة وزمكها صندل الْمَذْهَب رَأَيْتهَا فِي جَامع الْحَاكِم وَفِي ديوَان الْإِنْشَاء بقلعة الْجَبَل غير مرّة وَهِي وقف بحامع الْحَاكِم وَمَا أعتقد أَن أحدا يكْتب مثلهَا وَلَا مثل وَلَا مثل تزميكها فَإِنَّهُمَا كَانَا فردي زمانهما وَأخذ من الجاشنكير عَلَيْهَا جملَة من الْأُجْرَة وَدخل بِهِ ديوَان الْإِنْشَاء فَمَا أَنْجَب فِي الدِّيوَان وَكَانَت الْكتب الَّتِي تدفع إِلَيْهِ ليكتبها فِي أشغال النَّاس تبيت عِنْده وَمَا تتنجز وَهَذَا تعجيز من الله لمثل هَذَا الْكَاتِب الْعَظِيم فَإِنَّهُ كتب الأقلام السَّبْعَة طبقَة وَأما فصاح النّسخ والمحقق وَالريحَان فَمَا كتبه أحد أحسن مِنْهُ وَهُوَ شيخ خطيب بعلبك وَغَيره وَله رسايل كَثِيرَة وقصيدة سَمَّاهَا سرد اللَّام فِي معنى لامية الْعَجم ونظمه فِيهِ يبس قَلِيل وَأحسن مَا لَهُ نَا نظمه فِي تَفْضِيل الحشيشة على الْخمر
(وخضراء لَا الْحَمْرَاء تفعل فعلهَا ... لَهَا وثبات فِي الحشا وثبات)
(تؤجج نَارا فِي الحشا وَهِي جنَّة ... وتبدي مرير الطّعْم وَهِي نَبَات)
وَمَا قَالَه أَيْضا
(جهد الْمُغَفَّل فِي الزَّمَان مضيع ... وَإِن ارتضى أستاذه وزمانه)
(كالثور فِي الدولاب يسْعَى وَهُوَ لَا ... يدْرِي الطَّرِيق فَلَا يزَال مَكَانَهُ)
وَكَانَ نَاصِر الدّين شَافِع قد وقف على شَيْء من نظم شرف الدّين ابْن الوحيد فَقَالَ
(أرانا يراع ابْن الوحيد بدايغاً ... تشوق بِمَا قد أنهجته من الطّرق)
(بهَا فَاتَ كل النَّاس سبقاً فحبذا ... يَمِين لَهُ قد أحرزت قصب السَّبق)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute