قَالَت لَهُ مولاته الثريا يَا بني لَو قعدت فِي السُّوق واحترقت كَانَ خيرا لَك قَالَ أجل قَالَت فَأَي صَنْعَة أحب إِلَيْك قَالَ بيع الْفَاكِهَة فَأَعْطَتْهُ دَرَاهِم وَاتخذ حانوتاً وملأها من أَصْنَاف الْفَوَاكِه وَجعل يَبِيع وَيَشْتَرِي وَجعل غلْمَان من أهل مَكَّة يأتونه وَيَتَحَدَّثُونَ عِنْده وَلَا يزَال يطْرَح لَهُم شَيْئا من تِجَارَته وَيحلف عَلَيْهِم أَن يأكلوه فَلم يلبث أَن أتلف رَأس مَاله فَقَالَ لَهُ)
مولاته بعد أَيَّام كم ربحت إِلَى هَذِه الْغَايَة قَالَ لَا وعيشك يَا أُمِّي مَا لي ربح قَالَت ذهب الرِّبْح وَرَأس المَال وأفضيت إِلَى بيع ثِيَابك فَقَالَ يَا سيدتي لَو غشيت الْكلاب فِي منازلها لم يكن بُد من أَن تتمرى فَقَالَت عطلتك من خدمتي رَجَاء أَن يصنع الله لَك فَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَا فعد إِلَى خدمتي فَلَزِمَ الْبَيْت وَكَانَت الثريا مألفاً لِابْنِ سُرَيج يَأْكُل عِنْدهَا وَيشْرب ويتحدث إِلَيْهَا ويأنس بهَا فَنظر يَوْمًا إِلَى الْغَرِيض فأعجبه حسنه وظرفه وتخضع كَلَامه فَقَالَ للثريا هَل لَك أَن تخليني وإياه أعلمهُ لَك الْغناء فَلَا يفوتهُ مَال أبدا أَو جاه فِي النَّاس فَقَالَت دونكه فَذهب بِهِ إِلَى منزله فَجعل لَا يعمله إِلَّا شَيْئا إِلَّا لقنه وَجعل إخْوَان ابْن سُرَيج وَمن كَانَ يَغْشَاهُ لَا يرَاهُ أحد مِنْهُم إِلَّا أحبه فحسده ابْن سُرَيج وَخَافَ أَن يبرز عَلَيْهِ فطرده فَأتى مولاته وشكى ذَلِك إِلَيْهَا فَقَالَت لَهُ هَل لَك أَن تنوح وَنحن نقُول لَك الشّعْر فتبكي بِهِ فَإنَّك تَسْتَغْنِي عَن الْغناء فَقَالَ وَكَيف لي بذلك فَقُلْنَ لَهُ شعرًا فناح بِهِ فَظهر اسْمه وَعرف وَكَانَ يدْخل المآتم فَتضْرب دونه الْحجب والكلل وناح مَعَ النسْوَة لَيْلَة فِي ذِي طوى فَلَمَّا هدأت الْعُيُون جَاءَهُ من كَلمه وَقَالَ لَا تَنَح فقد فتنت نِسَاءَنَا فَترك النوح وَمَال إِلَى الْغناء فتسامع النَّاس بِهِ وفتنهم وَجعل لَا يلصق إِلَّا بالأشراف وَذَوي المروءات فَتقدم ونبل وَصَارَ لَا يُغني ابْن سُرَيج صَوتا إِلَّا غناهُ أَو غير صَنعته وادعاه وَمَا زَالَ أهل مَكَّة لَا يفضلون ابْن سُرَيج عَلَيْهِ إِلَّا بِالسَّبقِ وَلذَلِك قَالَت سكينَة حِين سمعتهما أَنْتُمَا كالجديين الْحَار والبارد لَا يدرى أَيهمَا أطيب وَسمي الْغَرِيض لِأَن ابْن سُرَيج سَمعه وَهُوَ يتَغَنَّى على سطح فَقَالَ إِن هَذَا لصوت غريض
(عبد الْمُنعم)
٣ - (جلال الدّين الْأنْصَارِيّ خطيب صفد)
عبد الْمُنعم بن أَحْمد أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن مَحْمُود القَاضِي جلال الدّين أَبُو مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ الْمصْرِيّ ثمَّ الشَّامي الشَّافِعِي
ولد سنة تسع عشرَة وست ماية وَتُوفِّي سنة خمس وَتِسْعين وست ماية
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين روى لنا مجْلِس معمر عَن ابْن المقير وَحدث بالقدس
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute