(أشَوْقاً لمّا يَمْضِ لي غير ليلةٍ ... فَكيف إِذا سَار المطيّ بِنَا عشرا)
(وَمَا كنت أخْشَى معبدًا أَن يبيعني ... بشيءٍ وَلَو أمْسَتْ أنامِلُهُ صفرا)
(أخوكم وَمولى مالكم وربيبكم ... وَمن قَدْ ثوى فِيكُم وعاشركم دهرا)
فلمّا بَلغهُمْ هَذَا الشّعْر رقّوا لَهُ اشتروه فَأخذ حِينَئِذٍ يشبّب بنسائهم وَيذكر أُخْت مَوْلَاهُ فَمن قَوْله فِيهَا وَكَانَتْ مَرِيضَة من المنسرح
(مَاذَا يُرِيد السقام من قمرٍ ... كلُّ جمالٍ لوجهه تَبَعُ)
(مَا يرتجِي خَابَ من محاسنها ... أمالَه فِي القباح مُتَّسَعُ)
(غَيَّرَ مِن لونِها وصفّرها ... فارتدَ فِيهِ الْجمال والبدُع)
(لَو كَانَ يْبغي الْفِدَاء قلتُ لَهُ ... هَا أَنا دون الحبيب يَا وجعُ)
وَعَن الْمَدَائِنِي قَالَ كَانَ عبد بني الحسحاس يسمّى حيّة وَكَانَتْ لسيّده بنتٌ بكْرٌ فأعجبه جمَالهَا وأعجبها فأمرتْه أَن يتمارض فَفعل وَعصب رَأسه فَقَالَت للشَّيْخ إسْرَحْ أَيهَا الشَّيْخ بإبلك لَا تَكِلْها إِلَى العَبْد وَكَانَ فِيهَا أيّاماً ثُمَّ قَالَ لَهُ كَيْفَ تجدك قَالَ صَالحا قَالَ فرُحْ فِي إبلك العشيّة فراح فِيهَا فقالتْ الْجَارِيَة لأَبِيهَا مَا أحسبك إِلَّا قَدْ ضيّعتَ إبلك العشيّة إِذْ وكلتها إِلَى حيّة فَخرج فِي آثَار إبِله فَوَجَدَهُ مُسْتَلْقِيا فِي ظلّ شَجَرَة وَهُوَ يَقُول من السَّرِيع
(يَا رُبَّ شجوٍ لَكَ فِي الحاضرِ ... تذْكُرُها وأنتَ فِي الصادِرِ)
)
(من كلّ بَيْضَاء لَهَا كعُبٌ ... مثل سَنَام البكرة المائِر)
فَقَالَ الشَّيْخ إنّ لَهَذا شَأْنًا وَانْصَرف فَقَالَ لِقَوْمِهِ اعلموا أنّ هَذَا العَبْد قَدْ فضحكم وأنشدهم الشّعْر فَقَالُوا اقتله فَنحْن طوعك فلمّا جَاءَهُم وَثبُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا لَهُ قلت وَفعلت فَقَالَ لَهُم دَعُوني إِلَى غَد أعْذُرُها عِنْد أهل المَاء قَالُوا هَذَا صَوَاب فَأتى عَلَى موعد مِنْهَا فَأَخَذُوهُ فَقَتَلُوهُ فَنَادَى يَا أهل المَاء مَا فِيكُم امْرَأَة إلاّ قَدْ أصبْتُها إلاّ فُلَانَة فإنّي عَلَى موعدٍ مِنْهَا ولمّا قدموه ليُقتَل قَالَ من الْكَامِل
(شُدّوا وثاق العَبْد لَا يَفْلِتْكُمُ ... إنّ الْحَيَاة من الْمَمَات قريبُ)
(فَلَقَد تَحَدَّرَ من جَبِينِ فَتاتكم ... عَرَقٌ عَلَى جَنْبِ الفِراش رطِيبُ)
وَكَانَ سحيم فِي لِسَانه عُجْمَةٌ فَإِذا أنْشد وَاسْتحْسن قَالَ أهَّنك وَالله يُرِيد أحسنْتَ وَالله
(أَمِير دمشق)
سختكين شهَاب الدولة ولي إمرة دمشق للظَّاهِر خَليفَة مصر وَمَات بِدِمَشْق فِي قصر السُّلْطَان سنة أَربع عشرَة وَأَرْبع مائَة