واشتهر ورحل وَحج وَكَانَ يحدث نَفسه بِالْملكِ فتدرج من كاتبٍ فِي الدِّيوَان إِلَى أَن ولي الدِّيوَان وَظهر وَصَارَ لَهُ حديثٌ مَعَ أَصْحَاب الدولة وَتقدم عِنْد أبي مُوسَى بن عبد الْمُؤمن صَاحب سبتة وأغراه بِأَن خَالف أَخَاهُ الْمَأْمُون وَعصى عَلَيْهِ بسبتة وَضمن لَهُ الْأَمْوَال وإمالة قُلُوب الرِّجَال وَهُوَ يعْمل فِي الْبَاطِن لنَفسِهِ ثمَّ أَخذ مَعَ أَعْيَان سبتة فِي أَن يخاطبوا ابْن هودٍ سُلْطَان الأندلس بِالطَّاعَةِ وَأَن ينصرهم بمراكبهم البحرية وَتَكون مدينتهم مِنْهُ ببال فأنفذ إِلَيْهِم ابْن هود قَائِد الْبَحْر أَبَا الاصبع الغشي وَكَانَ لَهُ صيت عَظِيم فِي الْبَحْر ووقائع مَشْهُورَة فِي الْعَدو فَصَارَ فِي سبتة وَأخرج مِنْهَا أَبَا مُوسَى بن عبد الْمُؤمن واشتغل الينشي بتدبير أمره ثمَّ أغراه بِأَن يخلع)
طَاعَة ابْن هود ويخطب لنَفسِهِ فَفعل ذَلِك فَلَمَّا علم أَن لَا نَاصِر لَهُ وَقد قطع يَده من ابْن هود أغرى أهل سبتة بِالْقيامِ عَلَيْهِ فطردوه وَخرج هَارِبا فكرب زورقاً فَحصل فِي أسر عباد الصَّلِيب وَبَقِي الينيشي يدبر أَمر سبتة ثمَّ اسْتَقل وخطب لنَفسِهِ وَأقَام سوق الْفضل وقصده الأدباء وَالشعرَاء وَقتل خلقا على الْملك وحصره الفرنج فِي بَحر سبتة وَأَقَامُوا على حصاره فَلم يقدروا عَلَيْهِ وَظَهَرت مِنْهُ فحولية فِي دفاعهم وَآل أمره إِلَى أَن امتدت مدَّته وحسده أهل بَلَده وَكَانَ لَهُ صديق يُقَال لَهُ ابْن مَسْعُود تغير عَلَيْهِ فَأخْرجهُ من سبتة فَلم يزل يسْعَى عَلَيْهِ ويخاطب أهل سبتة ويخطبها للرشيد بن الْمَأْمُون بن عبد الْمُؤمن إِلَى أَن خلعه أهل سبتة وَحمل إِلَى الرشيد بن الْمَأْمُون وشاع أَنه مَاتَ حتف أَنفه بالوباء وَالله أعلم وَمن شعره قَوْله بالإسكندرية
(ذكرت بأقصى الشرق أقْصَى المغارب ... فجال نجي الْفِكر بَين الترائب)
(فصبرتها نفسا لَا تكَاد من الأسى ... تسرب مَا بَين الدُّمُوع السوارب)
(وَقلت لَئِن كابدت ترحة راحلٍ ... لسوف يُرِيك الله فرحة آيب)
(وَيَا جفن كم تجفو الْمَنَام حفيظةً ... وَكم أَنْت معقودٌ بزهر الْكَوَاكِب)
(لَعَلَّ الَّذِي ترعاه لَيْسَ بحافظٍ ... لعهدك وَالْأَيَّام ذَات عجائب)
(فكم منزلٍ بدلت مِنْهُ بمنزلٍ ... وَكم صاحبٍ عوضت مِنْهُ بِصَاحِب)
(سلامٌ عَلَيْك مَا حييت فإنني ... أَزِيد لكم حبا بطول التجارب)
٣ - (بهاء الدولة بن بويه)
أَحْمد بن فناخسرو السُّلْطَان بهاء الدولة أَبُو نصر ابْن السُّلْطَان عضد الدولة ابْن بويه توفّي بأرجان فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَأَرْبع مائَة وَله اثْنَتَانِ وَأَرْبَعُونَ سنة وَكَانَت أَيَّامه اثْنَتَيْنِ وَعشْرين سنة ويومين بعلة الصرع وَولي بعده ابْنه سُلْطَان الدولة وَولي بهاء الدولة السلطنة ببغداذ وَهُوَ الَّذِي خلع الطائع لله وَقطع أُذُنه وَفعل بِهِ مَا فعل وَكَانَ ظلوماً غشوماً سفاكاً للدماء يهرب خواصه مِنْهُ وَجمع من المَال مَا لم يجمعه غَيره وصادر النَّاس وَكَانَ يبخل بالدرهم وَينظر فِيهِ ويستكثره وَلم يكن فِي بني بويه أظلم مِنْهُ وَلَا أقبح سيرةً وَكَانَ يصرع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute