(أَلا أيهُّا السَّاعِي عَلَى سنَنِ الهَوَى ... رُوَيدّكَ آمالُ النُفوسِ غُرورُ)
(أتَدْري إِذا حانَ الرَحيلُ وقُرِّبَتْ ... مطَايا المَنايا مِنْكَ أيْنَ تَسيرُ)
(أَطَعْتَ دَوَاعِي اللَهْوِ فيِ سَكْرَةِ الصِبّى ... أمَالك مِن شَيْبِ العِذار نَذيرُ)
(كأنِّي بأيّام الحَياةِ قَد انقَضَتْ ... وَإنْ طَالَ هَذَا العُمرُ فَهوَ قَصيرُ)
(وَفَاجَاكَ مرتاد الحِمامِ وَيَا لَها ... زِيارَةُ مَن لَا تَشتَهِيهِ يَزورُ)
(وأصبْحَتَ مَصْرُوعَ السَقام مُعَلَّلاً ... يَقولُونَ داءٌ قَد ألَمَّ يَسيرُ)
(وَهَيْهَات بَلْ خَطبٌ عَظِيمٌ وَبَعْدَهُ ... عَظائِمُ مِنها الراسِياتُ تُمورُ)
(وَلمّا تَيَفّنْتَ الرَحيلَ وَلَمْ يَكُنْ ... لَدَيك عَلَىَ مَا قَدْ أتاكَ نَثيرُ)
وَمَا لَكَ مِنْ زادِ وأنْتَ مُسَافرٌ ولَا مِنْ شفيعٍ والذُنوبُ كَثيرُ بَكَيْتَ وَما يُغْنِي البكاءُ عَن الَّذِي جرى وتَلا فِي المُتِلفاتِ عسيرُ
(فبادِرْ وأيّامُ الحياةِ مُقيمةٌ ... وحالُك مَوْفورٌ وأنْتَ قَديرُ)
٣ - (ابْن أثُرْدي)
سعيد بن عليّ بن هبة الله بن عَليّ بن أثُردي أَبُو الْغَنَائِم الطَّبِيب وَسَيَأْتِي ذكر جمَاعَة من بَيته وَكَانَ من الأطبّاء الْمَشْهُورين بِبَغْدَاد وَكَانَ ساعور البيمارستان العضدي متقدّماً فِي أيّام أَمِير الْمُؤمنِينَ المقتفي لأمر الله
٣ - (العكّي المغربي)
سعيد بن عمر قَالَ حُرْقُوصُ كَانَ شَاعِرًا مُفِلقاً محسناً وَلَهُ شعر كثير وقصائد شريفة وأشعار نادرة وَكَانَ مَشْهُورا معدوداً فِي أيّام مُؤمن وَأبي فرناس وَكَانَتْ تِلْكَ الأيّام لَا يجوز فِيهَا إلاّ الإبريز الْخَالِص وإلاّ الذَّهَب الْمَحْض وإلاّ الكُهول القُرَّح وَمن عضّ عَلَى ناجذه وولاّه عبد الله بن محمّد الْأَمِير بعض الكُوَر وَكَانَ من أظرف النَّاس وأملحهم فِي النَّوَادِر والمضحكات لاسيما عَلَى الشَّرَاب وَكَانَ يَوْمًا عِنْد أبي أيّوب ابْن وانسوس وَكَانَ يُخرج جواريه لمن يستخلص من إخوانه يغنّين من خلف الستارة وَكَانَتْ عَادَته إِذا غنّين أَو كُنَّ وَرَاء الستارة أَن لَا يتكلّم أحد من الجلساء فَحَضَرَ العكّي يَوْمًا عَلَى الْعَادة فِي ذَلِكَ فَتكلم والجواري خلف)
الستارة فَقَالَ مَا حملك عَلَى ذَلِكَ وَأَنت تعرف مذهبي فِي عدم الْكَلَام إِذا كَانَ الْجَوَارِي خلف الستارة فَقَالَ لَهُ أَخْطَأت وَلَمْ أتهمّد ذَلِكَ وَقَدْ يضرط الْإِنْسَان فِي الصَّلَاة بِغَيْر طنْز فاستضحك أَبُو أيّوب والحاضرون
وَمن شعره من الوافر
(طَرِبْتُ وَرُبمّا طَرِبَ الحَزينُ ... وَسَالَمَ قَلْبَهُ الحُزْنُ الدَفِينُ)