سنة سبعين وسِتمِائَة واشتغل بالفقه وَالْأَدب وشارك فِي الْعُلُوم وأتقن الْأَدَب وتنقلت بِهِ الْأَحْوَال وَصَحب الْمَشَايِخ
وَكَانَ كثير الْمَعْرُوف عالي الهمة عِنْده شجاعةٌ وإقدامٌ وصبرٌ وثباتٌ وَكَانَ إخْوَته يتأدبون مَعَه ويقدمونه وَكَذَلِكَ أُمَرَاء الدولة وَله نظمٌ ويدٌ فِي الترسل وخطه مَنْسُوب وَأنْفق أَكثر أَمْوَاله فِي الطَّاعَة وَكَانَ مقتصداً فِي ملبسه ومركبه
وَتزَوج ابْنة الْملك الْعَزِيز عُثْمَان بن الْعَادِل ثمَّ تزوج أُخْت النَّاصِر الْحلَبِي فَجَاءَهُ صَلَاح الدّين
وَكَانَ عِنْده من الْكتب النفيسة شيءٌ كثير فوهب معظمها وَكَانَ ذَا مُرُوءَة يقوم بِنَفسِهِ وَمَاله مَعَ من يَقْصِدهُ وَأمه هِيَ بنت الْملك الأمجد حسن ابْن الْعَادِل
وَلما مَاتَ رثاه شهَاب الدّين مَحْمُود بقصيدة أَولهَا من الطَّوِيل
(هُوَ الرّبع مَا أقوى وأضحت ملاعبه ... مشرعةٌ إِلَّا وَقد لَان جَانِبه)
(عهِدت بِهِ من آل أَيُّوب ماجداً ... كريم الْمحيا زاكياتٍ مناسبه)
(يزِيد على وزن الْجبَال وقاره ... وتكبر ذرات الرمال مناقبه)
وروى الأمجد عَن ابْن اللتي وَغَيره
وَمن شعر الأمجد رَحمَه الله أوردهُ لَهُ قطب الدّين من الْكَامِل
(مَنْ حاكمٌ بيني وَبَين عَذولي ... الشجو شجوي والغليل غليلي)
(عجبا لقومٍ لم تكن أكبادهم ... لجوىً وَلَا أَجْسَادهم لنحول)
(دقَّتْ مَعَاني الْحبّ عَن أفهامهم ... فتأولوها أقبح التَّأْوِيل)
(فِي أَي جارحةٍ أصون معذِّبي ... سلمتْ من التعذيب والتنكيل)
(إِن قلت فِي عَيْني فثم مدامعي ... أَو قلت فِي قلبِي فثم غليلي)
(لَكِن رَأَيْت مسامعي مثوىً لَهُ ... وحجبتها عَن عذل كل عذول)
٣ - (البشنوي)
الْحسن بن دَاوُد البشنوي الْكرْدِي ابْن عَم صَاحب فنك توفّي سنة خمسٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة وَله ديوَان شعر كبيرٌ من شعره من الْخَفِيف
(أدمنة الدَّار من ربَاب ... قد خصك الله بالرباب)