وَسَأَلَ عَن هَل الْأَدَب فَخَرجُوا إِلَيْهِ ورحب بهم وَهُوَ أَخُو احْمَد بن كيغلغ سَيَأْتِي ذكره فِي مَكَانَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى
٣ - (فَخر الدّين ابْن لُقْمَان)
إِبْرَاهِيم بن لُقْمَان بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْوَزير الْكَاتِب فَخر الدّين ابْن لُقْمَان الشَّيْبَانِيّ الإسعردي ولد سنة اثْنَتَيْ عشرَة ورزق السَّعَادَة والتقدم وَطَالَ عمره وَقَالَ الشَّيْخ شمس الدّين رَأَيْته شَيخا بعمامة صَغِيرَة وَقد حدث عَن ابْن رواح وَكتب عَنهُ البرزالي والطلبة وَتُوفِّي بِمصْر سنة ثَلَاث وَتِسْعين وست مائَة وَصلى عَلَيْهِ بِدِمَشْق ولي وزارة الصُّحْبَة للْملك السعيد ثمَّ وزر مرَّتَيْنِ للْملك الْمَنْصُور واصله من الْمَعْدن من إسعرد وَكَانَ قَلِيل الظُّلم فِيهِ إِحْسَان إِلَى الرّعية)
وَكَانَ إِذا عزل من الوزارة يَأْخُذ غُلَامه الحرمدان خَلفه ويبكر من الْغَد إِلَى ديوَان الْإِنْشَاء وَلما فتح الْكَامِل آمد كَانَ ابْن لُقْمَان شَابًّا يكْتب على عَرصَة الْقَمْح وينوب عَن النَّاظر وَكَانَ الْبَهَاء زُهَيْر كثير الْإِنْشَاء للكامل فاستدعى من نَاظر آمد حوائج فَكَانَت الرسَالَة ترد إِلَيْهِ بِخَط ابْن لقمن فأعجب الْبَهَاء زُهَيْر خطه وَعبارَته فَاسْتَحْضرهُ ونوه بِهِ وناب عَنهُ فِي ديوَان الْإِنْشَاء ثمَّ إِنَّه خدم فِي ديوَان الْإِنْشَاء فِي الدولة الصالحية وهلم جرا إِلَى أَوَائِل الدولة الناصرية أَخْبرنِي الشَّيْخ الْحَافِظ فتح الدّين من لَفظه قَالَ كَانَ تَاج الدّين ابْن الْأَثِير وفخر الدّين ابْن لُقْمَان صُحْبَة السُّلْطَان على تل العجول ولفخر الدّين مَمْلُوك اسْمه ألطنبا فاتفق أَنه دَعَا بمملوكه الْمَذْكُور يَا ألطنبا فَقَالَ نعم وَلم يَأْته فنكر طلبه لَهُ وَهُوَ يَقُول نعم وَلَا يَأْتِيهِ وَكَانَت لَيْلَة مظْلمَة فَأخْرج رَأسه من الْخَيْمَة فَقَالَ لَهُ تَقول نعم وَمَا أَرَاك فَقَالَ تَاج الدّين
(فِي لَيْلَة من جُمَادَى ذَات أندية ... لَا يبصر الْكَلْب من ظلمائها الطنبا)
قلت وَهَذَا من جملَة أَبْيَات فِي الحماسة لمرة بن محكان وَمَا اسْتشْهد أحد فِي وَاقعَة بِأَحْسَن من هَذَا أبدا وَلكنه يحْتَاج إِلَى إِظْهَار اللَّام فِي الطنبا ليترك على الِاسْم وَهُوَ جَائِز فِي الاهتدام
وَحكى لي أَنه خرجت إِلَيْهِ مسودة على الْعَادة بِكِتَابَة كتاب إِلَى بعض مُلُوك الفرنج وَمن جملَة النعوت معز بَابا رُومِية بِالْعينِ الْمُهْملَة وَالزَّاي وبائين موحدتين فَكتب الْكتاب وَكتب ذَلِك مقرّ بانا بِالْقَافِ بدل الْعين وبالراء وبالنون بدل الْبَاء الثَّانِيَة فَأنْكر عَلَيْهِ ذَلِك وَنبهَ على الصَّوَاب فَقَالَ يَا مولَايَ هَذِه أعرافها من زهر الْآدَاب من قلائد العقيان من دب الْكتاب وَمَا أَنا ترجمان الفرنج فَاسْتحْسن مِنْهُ ذَلِك أَنْشدني نَاصِر الدّين ابْن شَافِع بن عبد الظَّاهِر إجَازَة قَالَ أَنْشدني الصاحب فَخر الدّين ابْن لُقْمَان فِي غُلَامه
(لَو وشى فِيهِ من وشى ... مَا تسليت غلمشا)
(أَنا قد بحت باسمه ... يفعل الله مَا يشا)
وأنشدني بالسند الْمَذْكُور
(كن كَيفَ شِئْت فإنني بك مغرم ... راضٍ بِمَا فعل الْهوى المتحكم)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute