(أغّرُّ إِذا الرِواقُ انجابَ عَنهُ ... بدا مِثل الهلالِ على المِثال)
(تراآه الْعُيُون كَمَا تَرَاءى ... عَشِية فِطرِها وَضَحَ الْهلَال)
فَأعْطَاهُ أَرْبَعمِائَة ضانية وَمِائَة لقحة ومائتي دِينَار وَقَالَ نصيب عُلِّقتُ جَارِيَة حَمْرَاء فمكثتُ زَمَانا تُمَنِّيني الأباطيل فَلَمَّا ألححت عَلَيْهَا قَالَت إِلَيْك عني فو الله لَكَأَنَّك من طوارق اللَّيْل فَقلت وَالله وأنتِ لكأنكِ من طوارق النَّهَار فَقَالَت وَمَا أظرفك يَا أسود فغاظني قَوْلهَا فَقلت لَهَا تدرين مَا الظّرْف إِنَّمَا الظرفُ العقلُ ثمَّ قَالَت لي إنصرف حَتَّى أنظر فِي أَمرك
فَأرْسلت إِلَيْهَا بِهَذِهِ الأبيات
(فغن أَكُ أسوداً فالمسكُ أحوى ... وَمَا بِسواد جِلدي من دواءِ)
(ومِثلي فِي رحالكُمْ قَليلٌ ... ومثلكِ لَيْسَ يُعدمُ فِي النِّسَاء)
(فَإِن ترضي فرُدي قولَ راضٍ ... وَإِن تأبي فَنحْن على السَّواد)
قَالَ فَلَمَّا قَرَأت الشّعْر تزَوجنِي وَدخل نصيب على سُلَيْمَان بن عبد الْملك وَعِنْده الفرزدق)
فأنشده شعرًا لم يرضه وكّلَّحَ فِي وَجهه وَقَالَ لنصيب قُم فأنشِد مَوْلَاك فَقَامَ فأنشده
(أَقُول لِرَكبٍ صادرين لَقيتُهم ... قِفا ذَات أوشالٍ ومولاك قاربُ)
(قِفوا خبِّروني عَن سُلَيْمَان إِنَّنِي ... لِمعروفهِ من آل وَدَان طَالب)
(فعاجوا فأثنَوا بِالَّذِي أَنْت أهلُه ... وَلَو سكتوا أثنَت عَلَيْك الحقائب)
(وَقَالُوا عَهِدناه وكلَّ عَشِيةٍ ... على بَابه من طالبي العُرف راكبُ)
(هُوَ البَدر وَالنَّاس الْكَوَاكِب حوله ... وَلَا يُشبِهُ الْبَدْر المضيء الكواكبُ)
فَقَالَ أَحْسَنت يَا نصيب وَأمر لَهُ بجائزة وَلم يصنع ذَلِك بالفرزدق فَقَالَ الفرزدق
(خيرُ الشعرِ أكْرمه رجَالًا ... وَشر الشعرِ مَا قَالَ العَبيدُ)
كَانَ الْأَصْمَعِي ينشد لنصيب يستجيده
(فَإِن يكَ من لوني السوَاد فَإِنِّي ... لكالمسك لَا يَروَى من الْمسك ناشقُه)
(وَمَا ضرّ أثوابي سوَادِي وتحتها ... لِبَاس من العلياء بيضٌ بنايقه)
٣ - (نُصيب الْأَصْغَر)
نصيب الْأَصْغَر مولى الْمهْدي كَانَ قد نَشأ بِالْيَمَامَةِ فَاشْتَرَاهُ