الْمهْدي فَلَمَّا سمع شعره قَالَ واله مَا هُوَ بِدُونِ نصيب بني مروانَ وَأعْتقهُ وزوجه أمة وكنّاه أَبَا الحجناء وأقطعه ضَيعة بِالسَّوَادِ وعُمِّر بعده ومدح هارونَ الرشيد بقوله
(أللبَينِ يَا ليلى جِمالُكَ تَرحَل ... لِيقطعَ منا البينُ مَا كَانَ يوصَلُ)
(تُعلِّلُنا بالوعدِ ثُمتَ تلتوي ... بموعدها حَتَّى يموتَ المُعَلِّل)
(فَلَا الْحَبل من ليلى يؤاتيك وصلُه ... وَلَا أَنْت تنهَى القلبَ عَنْهَا فيذهَل)
(خليلي إِنِّي مَا يزَال يشوقني ... قَطينُ الحِمَى والظاعنُ المتحمِّل)
(فأقسمتُ لَا أَنسى لياليَ مَنعِجٍ ... وَلَا مأسلٍ إِذْ منزل الْحَيّ مأسِل)
(أَمن أجلِ آياتٍ ورسمٍ كَأَنَّهُ ... بَقِيَّة وحيٍ أَو كتابٌ مفصَّل)
(فيا أَيهَا الزنْجِي مَالك والصَّبَى ... أفِق عَن طلاب الْبيض إِن كنت تعقِل)
(فمثلك من أُحبوشة الزنج قطعَت ... رسائلُ أسبابٍ بهَا يتَوَصَّل)
(قصدنا أَمِير الْمُؤمنِينَ ودونَه ... مهامهُ مَوماةٍ من الأَرْض مَجهَل)
(على أرحَبياتٍ طوى السرّ فانطوت ... شمائلها مِمَّا تُحلّ وتَرحَل)
)
(إِذا انبلجَ البابانِ والسِّتر دونه ... بدا مِثْلَمَا يَبْدُو الْأَغَر المحجَّل)
(شريكان فِينَا مِنْهُ عينٌ بصيرةٌ ... كَلوءٌ وقلبٌ حَافظ لَيْسَ يغفُل)
(فَمَا فَاتَ عَيْنَيْهِ رَعاهُ بِقَلْبِه ... وَآخر مَا يرْعَى سواءٌ وَأول)
(وَمَا نازَعت فِينَا أمورك هَفوةٌ ... وَلَا خَطَلٌ فِي الرَّأْي والرأي يخطَل)
(لَئِن نَالَ عبد الله قبلُ خلَافَة ... لأنتَ من الْعَهْد الَّذِي نِلتَ أفضَل)
(إِذا اشتبهت أعقابُه بينَت لَهُ ... معارفُ فِي أعجازه وَهُوَ مُقبلُ)
(وَمَا زادك المُلك الَّذِي نلتَ بَسطةً ... وَلَكِن بتقوى اللهِ أَنْت مُسَربل)
(ورثتَ رَسُول الله عُضواً ومفصِلا ... وَذَا من رسولِ الله عُضو ومفصل)
(على ثقةٍ منا تَحِنُّ قلوبُنا ... إِلَيْك كَمَا كُنَّا أَبَاك نُؤمِّل)
(إِذا مَا رهِبنا من زمانٍ مُلِمةً ... فَلَيْسَ لنا إِلَّا عَلَيْك مُعوَّل)
وَوجه الْمهْدي نَصِيبا إِلَى الْيَمين فِي شِرَاء إبلٍ مهرِيَّة وَوجه مَعَه رجلا من الشِّيعَة وَكتب مَعَه إِلَى عَامله بِالْيمن بِعشْرين ألف دِينَار فَمد نصيب يَده فِي الدَّنَانِير يُنفقها وويشرب بهَا ويتزوج الجواريَ فَكتب الشيعيُّ يُخبرهُ إِلَى الْمهْدي فَأمره بِحمْلِهِ موثقًا فِي الْحَدِيد فَلَمَّا دخل على الْمهْدي أنْشدهُ
(تأوّبني ثِقل من الهَم مُوجَعُ ... فأرق عَيْني والخَلِيُّون هُجَّعُ)
(همومي توالَت لَو أطاف يسيرُها ... بسَلمَى لظلت صُمِّها تتصدع)