(فَإِن يحجبوها أَو يحل دون وَصلهَا ... مقَالَة واشٍ أَو وَعِيد أَمِير)
(فَلَنْ يمنعوا عَيْني من دَائِم البكا ... وَلنْ يذهبوا مَا قد أجن ضميري)
(وَكُنَّا جَمِيعًا قبل أَن يظْهر الْهوى ... بأنعم حَالي غِبْطَة وسرور)
(فَمَا برح الواشون حَتَّى بَدَت لنا ... بطُون الْهوى مَقْلُوبَة لظُهُور)
(لقد كنت حسب النَّفس لَو دَامَ وصلنا ... ولكنما الدُّنْيَا مَتَاع غرور)
وَلم يزل تَارَة يتَوَصَّل إِلَى زيارتها بالحيلة عَلَيْهَا وَتارَة تزوره وَهُوَ عِنْد قوم نَازل وَتارَة يختفي عَن زَوجهَا بأنواع من التستر والتخفي إِلَى أَن مَاتَت لبنى فتزايد ولهه وجزعه وَخرج)
فِي جمَاعَة قومه حَتَّى وقف على قبرها وَقَالَ
(مَاتَت لبينى فموتها موتِي ... هَل تنفعن حسرتي على الْفَوْت)
(فَسَوف ابكي بكاء مكتئبٍ ... قضى حَيَاة وجدا على ميت)
ثمَّ أكب على الْقَبْر يبكي حَتَّى أُغمي عَلَيْهِ فرفعه أَهله إِلَى منزله وَهُوَ لَا يعقل وَلم يزل عليلاً لَا يفِيق وَلَا يُجيب مكلماً ثَلَاثًا حَتَّى مَاتَ وَدفن إِلَى جنبها
وَكَانَت وفاتهما فِي حُدُود السّبْعين لِلْهِجْرَةِ
٣ - (قيس بن الملوح)
قيس بن الملوح بن مُزَاحم بن قيس هُوَ مَجْنُون بني عَامر قَالَ صَاحب الأغاني لم يكن مَجْنُونا وَلَكِن كَانَت بِهِ لوثة كلوثة ابي حَيَّة
كَانَ سَبَب عشقه لليلى أَنه أقبل ذَات يَوْم على نَاقَة لَهُ كَرِيمَة وَعَلِيهِ حلتان من حلل الْمُلُوك فَمر بِامْرَأَة من قومه يُقَال لَهَا كَرِيمَة وَعِنْدهَا جمَاعَة من النِّسَاء يتحادثن فِيهِنَّ ليلى فأعجبهن جماله وكماله فدعونه إِلَى النُّزُول فَنزل فَجعل يحدثهن وَأمر عبدا كَانَ مَعَه فعقر لَهُنَّ نَاقَته وحدثهن بَقِيَّة يَوْمه
بَينا هُوَ كَذَلِك إِذْ طلع فَتى فِي بردة من برود الْأَعْرَاب يُقَال لَهُ منَازِل يَسُوق معزى لَهُ فَلَمَّا رأينه أقبلن عَلَيْهِ وتركن الْمَجْنُون فَغَضب وَخرج من عِنْدهن وَقَالَ