اخْرُج إِلَى الْقَوْم فَقل لَهُم من كَانَ مِنْكُم يَقُول كَمَا قَالَ العتابي للرشيد
(مستنبط عَزمَات اقلب من فكرٍ ... مَا بَينهُنَّ وَبَين الله معمور)
فَلْيدْخلْ وليعلم أَنِّي إِن وجدته مقصراً عَن ذَلِك حرمته وَمن وثق من نَفسه بِأَنَّهُ يَقُول مذل هَذَا فَليقمْ فَدَخَلُوا جَمِيعًا إِلَّا أَرْبَعَة نفر
وَقَالَ عمر الْوراق رَأَيْت العتابي يَأْكُل خبْزًا على الطَّرِيق بِبَاب الشَّام فَقلت لَهُ وَيحك أما تَسْتَحي فَقَالَ أَرَأَيْت لَو كُنَّا فِي دَار فِيهَا بقر أَكنت تحتشم أَن تَأْكُل وَهِي تراك فَقلت لَا فَقَالَ فاصبر حَتَّى أعلمك أَنهم بقر
ثمَّ قَامَ فوعظ وقص ودعا حَتَّى كثر الزحام عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُم رُوِيَ لنا من غير وَجه أَنه من بلغ لِسَانه أرنبة أَنفه لم يدْخل النَّار قَالَ فَمَا بَقِي أحد مِنْهُم إِلَّا أخرج لِسَانه نَحْو أرنبة أَنفه ويقدره حَتَّى يبلغهَا أم لَا
قَالَ فَلَمَّا تفَرقُوا قَالَ العتابي ألم أخْبرك أَنهم بقر وَدخل العتابي على عبد الله بن طَاهِر فَمثل بَين يَدَيْهِ وأنشده
(حسن ظَنِّي وَحسن مَا عود الل ... هـ سواي مِنْك الْغَدَاة أَتَى بِي)
)
أَي شَيْء يكون أحسن من حسن يَقِين حدا إِلَيْك ركابي فَأمر لَهُ بجائزة ثمَّ دخل عَلَيْهِ من الْغَد فأنشده
(ودك يكفينيك فِي حَاجَتي ... ورؤيتي كافيتي عَن سُؤال)
(وَكَيف أخْشَى الْفقر مَا عِشْت لي ... وَإِنَّمَا كَفاك لي بَيت مَال)
فَأمر لَهُ بجائزة ثمَّ دخل عَلَيْهِ فِي الْيَوْم الثَّالِث فأنشده بهجات الثِّيَاب يخلقها الدَّهْر وثوب الثَّنَاء غض جَدِيد فأكسني مَا يبيد أصلحك الله فَإِنِّي أكسوك مَا لَا يبيد وَكَانَ مَنْصُور النمري تلميذ العتابي وراويته
ثمَّ إِنَّه وَقع بَينهمَا وَعمل كل مِنْهُمَا على ذهَاب روح الآخر وَفِي تَرْجَمَة النمري شَيْء من ذَلِك
٣ - (ابْن الْهدم الْأنْصَارِيّ)
كُلْثُوم بن الْهدم بن امْرِئ الْقَيْس بن الْحَارِث الْأنْصَارِيّ كَانَ شَيخا كَبِيرا أسلم قبل نزُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة وَهُوَ نزل عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من