للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجزيرة إِذا تهندست وجهبذها إِذا تنطست ومنير محاسنها إِذا ادلهمت وعسعست لولاه مَا سفرت عَن شريق وَلَا اهتدت إِلَى الرياضيات سمت طَرِيق وَلَا ضربت بعرق فِي البرهانيات عريق بِهِ شاركت فِي الدقايق الرقَاق وَعَلِيهِ فِيهَا وَقع الآصفاق وَعنهُ عرف ثقيل الْحجاز وخفيف الْعرَاق وَأما آدابه فالرياض العرايس والاعلاق النفايس وَأما أقلامه فالرماح الخطية والغصون الموايس اطَّلَعت لهاذمها كل عريب واسمعت اغصانها شجو الورقاء وطرب العندليب وَمَا عَسى أَن يُقَال فِي الْفَتْح وسيره تصغر عَن الثلب والقدح غير أَنه لما ارهف شباته واحضر أقلامه ودواته جعل نَفسه الخبيثة مرآته فأردته معايبه ونثلت بَين يَدَيْهِ مثالبة فسطرها فِي كتاب ونسقها نسق حِسَاب وَمَا شعر أَنه أخر وَقدم وَكم غادر من متردم ولمز بِمَا لم يتستر عَن اتيان نكره وَعرض بِمَا صرح هُوَ فِي صحو الْقَبِيح وسكره وَاعْتمد الْقَمَر بنباحه ورجم الْمَعَالِي بسلاحه ولكنهما قد صَارا أثرا بعد عين وللحاكم بَين الرجلَيْن بَيت أبي الطّيب أَحْمد بن الْحُسَيْن وسأثبت من كَلَامه الرَّقِيق ونظامه الرايع الأنيق مَا ترتدي بِهِ ذكاء وَيَوَد لَو يجتذبه فِي روضته المكاء وَيُقِيم بِهِ سوقه الطَّرب المستقر والبكاء فَمن ذَلِك

(خليلي لَا وَالله مَا الْقلب سَالم ... وَأَن ظَهرت مني شمايل صَاح)

(وَإِلَّا فَمَا بالي وَلم أشهد الوغى ... أَبيت كَأَنِّي مثخن بجراح)

وَله

(ترَاءى أَمَام الركب ركب محصب ... وَمن دونه أعداؤه ووشاته)

(فَأرْسلت فِيهَا نظرة مَا تخلصت ... من الجفن حَتَّى بلها عبراته)

(ونازعني فضل التفاتي مشمر ... يسايب أَيْن الْخيف أَو عرفاته)

وَلما مَاتَ ابْن باجة رَحمَه الله تَعَالَى وقف على قَبره أَبُو بكر ابْن الحمارة وَأنْشد)

(يَا صَاحب الْقَبْر الْقَرِيب ودونه ... هم تبيت لَهُ الْكَوَاكِب تسهر)

(قُم أَن أطقت وهات عَن صور الردى ... خَبرا فقد عَايَنت كَيفَ تصور)

(وَأخْبر عَن الملكوت كَيفَ رَأَيْته ... أَن الْغَرِيب عَن الغرايب يخبر)

٣ - (ابْن باخل مُحَمَّد بن باخل الْأَمِير شمس الدّين الهكارى)

متولى اسكندرية توفّي بهَا سنة ثلث وَثَمَانِينَ وست ماية كَانَ صَارِمًا عادلا وَله ميل إِلَى الْأَدَب سمع جَمِيع سنَن ابْن ماجة من الْمُوفق عبد اللَّطِيف بن يُوسُف ومقامات الحريري بحران وَخرج لَهُ الْحَافِظ مَنْصُور بن سليم وَأَجَازَ لقطب الدّين عبد الْكَرِيم وَسمع عَلَيْهِ الشَّيْخ اثير الدّين أَبُو حَيَّان وَعنهُ روى كتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>