وَأَقْبل اللَّيْث إِلَى منزله وَدخل إِلَى الْبَيْت الَّذِي كَانَ فِيهِ فصاح بخدمه وسألهم عَن الْكتاب فَقَالُوا أَخَذته الْحرَّة فبادر إِلَيْهَا وَقد علم من ايْنَ أُتِي فَلَمَّا دخل عَلَيْهَا ضحك فِي وَجههَا وَقَالَ لَهَا ردي الْكتاب فقد وهبت لَك الْجَارِيَة وحرمتها على نَفسِي فَأخذت بِيَدِهِ وأدخلته وارته رماده
فَسقط فِي يَده وَكتب نصفه من حفظه وَجمع على الْبَاقِي أدباء زَمَانه وَقَالَ لَهُم مثلُوا عَلَيْهِ واجتهدوا فعملوا النّصْف الثَّانِي الَّذِي بأيدي النَّاس وَكَانَ الْخَيل قد مَاتَ
وَدخل اللَّيْث على عَليّ بن عِيسَى بن ماهان وَعِنْده رجل يُقَال لَهُ حَمَّاد الخزربك فجَاء رجل فَقص رُؤْيا رَآهَا لعَلي بن عِيسَى فهم حَمَّاد أَن يعبرها فَقَالَ اللَّيْث كف فلست هُنَاكَ فَقَالَ عَليّ يَا أَبَا هِشَام وتعبرها قَالَ نعم وَكَانَت الرُّؤْيَا كَأَن عَليّ بن عِيسَى مَاتَ وَحمل على جَنَازَة وَأهل خُرَاسَان يتبعونه فانقض غراب من السَّمَاء ليحمله فكسروا رجل الْغُرَاب فَقَالَ اللَّيْث أما الْمَوْت فَهُوَ بَقَاء وَأما الْجِنَازَة فَهُوَ سَرِير وَملك وَأما مَا حملوك فَهُوَ مَا علوتهم وَكنت على رقابهم وَأما الْغُرَاب فَهُوَ رَسُول قَالَ الله تَعَالَى فَبعث الله غراباً يقدم عَلَيْك فَلَا ينفذ أمره
فَمَا مَكَثُوا إِلَّا يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة حَتَّى قدم رَسُول من عِنْد الْخَلِيفَة بِحمْل عَليّ بن عِيسَى)
فَاجْتمع قواد خُرَاسَان وأثنوا عَلَيْهِ خيرا وَلم يَتْرُكُوهُ يحمل وَقَالُوا نخشى انْتِقَاض الْبِلَاد فَبَقيَ
٣ - (الزَّاهِد الْحَمَوِيّ)
أَبُو اللَّيْث الزَّاهِد الْحَمَوِيّ كَانَ صَاحب عبَادَة ومجاهدة وَيعْمل الرياضات الأربعينية وَكَانَت لَهُ دَار مليحة بحماة وَأَصْحَاب وابتاع وَكَانَ يَأْتِي بعلبك وَيُقِيم بهَا
وَصَحب أَسد الشَّام الشَّيْخ عبد الله اليونيني وَتُوفِّي أَبُو اللَّيْث سنة أَربع وَأَرْبَعين وسِتمِائَة
٣ - (الألقاب)
ابْن أبي اللَّيْث الْكَاتِب اسْمه مُحَمَّد بن أَحْمد
أَبُو اللَّيْث السَّمرقَنْدِي نصر بن مُحَمَّد
آخر الْجُزْء الرَّابِع وَالْعشْرُونَ كَذَا من كتاب الوافي بالوفيات يتلوه إِن شَاءَ الله تَعَالَى ليلى بنت أبي حثْمَة القرشية العدوية
الْحَمد لله رب الْعَالمين وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ وَسلم