(يسْتَخْلف الله مَالا أَنْت مُتلِفُه ... وَمَا عَن النَّفس إِن أتلفتها خلف)
٣ - (أَبُو جَعْفَر اليزيدي)
أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي مُحَمَّد يحيى اليزيدي أَبُو جَعْفَر النَّحْوِيّ كَانَ جده من ندماء الْمَأْمُون وَسمع أَحْمد جده يحيى وَأَبا زيد الْأنْصَارِيّ وَكَانَ مقرئاً روى عَنهُ أَخَوَاهُ عبيد الله وَالْفضل ابْنا مُحَمَّد وَابْن أَخِيه مُحَمَّد بن الْعَبَّاس مَاتَ سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
دخل يَوْمًا على الْمَأْمُون وَهُوَ بقارا يُرِيد الْغَزْو فأنشده يمدحه
(يَا قصر ذَا النخلات من بارا ... إِنِّي حننت إِلَيْك من قارا)
(أَبْصرت أشجاراً على نهرٍ ... فَذكرت أشجاراً وأنهارا)
(لله أيامٌ نعمت بهَا ... فِي القفص أَحْيَانًا وَفِي بارا)
(إِذْ لَا أَزَال أَزور غانيةً ... ألهو بهَا وأزور خمارا)
(لَا أستجيب لمن دَعَا لهدى ... وَأجِيب شطاراً وذعّارا)
)
(أعصي النصيح وكل عاذلةٍ ... وَأطِيع مِزْمَارًا وأوتارا)
قَالَ فَغَضب الْمَأْمُون وَقَالَ أَنا فِي وَجه عَدو أحض النَّاس عى ل الْغَزْو وَأَنت تذكرهم نزههم ببغداذ قلت الشَّيْء بِتَمَامِهِ ثمَّ أنشدته
(فصحوت بالمأمون من سكري ... وَرَأَيْت خير الْأَمر مَا اختارا)
(وَرَأَيْت طَاعَته مؤديةً ... للْفَرض إعلاناً وإسرارا)
(فخلعت ثوب الْهزْل من عنقِي ... ورضيت دَار الْخلد لي دَارا)
(وظللت معتصماً بِطَاعَتِهِ ... وجواره وَكفى بِهِ جارا)
(إِن حلّ أَرضًا فَهِيَ لي وطنٌ ... وأسير عَنْهَا حَيْثُمَا سارا)
فَقَالَ يحيى بن أَكْثَم مَا أحسن مَا قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أخبر أَنه كَانَ فِي سكرٍ وخسارٍ فَترك ذَلِك وارعوى وآثر طَاعَة خَلِيفَته وَعلم أَن الرشد فِيهَا فسكن وَأمْسك
وَلأبي جَعْفَر هَذَا بَيت جمع فِيهِ حُرُوف المعجم كلهَا وَهُوَ
(وَلَقَد شجتني طفلةٌ برزت ضحى ... كَالشَّمْسِ خثماء الْعظم بِذِي الغضا)
قلت ألطف من هَذَا وَأحسن قَول ابْن حمديس الصّقليّ
(مزرقن الصغ يَسْطُو لحظه عَبَثا ... بالخلق جذلان إِن أَشك الْهوى ضحكا)
(لَا تعرضن لوردٍ فَوق وجنته ... فَإِنَّمَا نصبته عينه شركا)