٣ - (صَالح بن وصيف)
صَالح بن وصيف التركي أحد قواد المتَوَكل قدم مَعَه إِلَى دمشق سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ قد استطال على الْخُلَفَاء وَقتل المعتز وَأخذ أَمْوَاله وأموال أمه قبيحة وَولى الْمُهْتَدي الْخلَافَة وَحكم عَلَيْهِ وَكَانَ مُوسَى بن بغا بِالريِّ فَكتبت إِلَيْهِ قبيحة تخبره بِمَا فعل صَالح فَسَار مُوسَى إِلَى سر من رأى فَدَخلَهَا واستتر صَالح بن وصيف فَنَادَى مُوسَى من جَاءَ بِهِ فَلهُ عشرَة آلَاف دِينَار فَلم يظفر بِهِ أحد وَلما كَانَ بعد مُدَّة ظفروا بِهِ فتضرع إِلَى الَّذِي وجده فَقَالَ لَهُ لَا سَبِيل إِلَى إطلاقك وَلَكِنِّي أَمر بك على أَبْوَاب إخْوَتك وَأَصْحَابك وقوادك وصنائعك فَإِن أعرض لي مِنْهُم اثْنَان أطلقتك فَمر بِهِ على أَبْوَاب الْمَدِينَة فَلم يعرض لَهُ أحد وقتلوه وحزوا رَأسه وبعثوا بِهِ إِلَى الْمُهْتَدي فجاؤوه بِهِ وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي فَمَا زَاد على أَن قَالَ)
واروه وَنصب رَأسه على قناة وَنُودِيَ هَذَا جَزَاء من قتل مَوْلَاهُ وَنصب بِبَاب الْعَامَّة سَاعَة
وَقَالَ شَاعِر لمُوسَى بن بغا
(ونلت وَترك من فِرْعَوْن حِين طَغى ... وَجئْت إِذْ جِئْت يَا مُوسَى على قدر)
(ثَلَاثَة كلهم بَاغ أَخُو حسد ... يرميك بالظلم والعدوان عَن وتر)
(وصيف بالكرخ مَمْثُولٍ بِهِ وبغا ... بالجسر محترق بالجمر والشرر)
(وَصَالح بن وصيف بعد منعفر ... فِي الحير جيفته وَالروح فِي سقر)
وَقَالَ الْمُهْتَدي يرثي صَالحا الْمَذْكُور
(رحم الله صَالحا ... فَلَقَد كَانَ ناصحا)
(لم يزل فِي فعاله ... نَافِذ الرَّأْي ناصحا)
(ثمَّ أضحى وَقد ترا ... مى بِهِ الدَّهْر طائحا)
(المنايا إِن لم تغا ... دك جَاءَت روائحا)
وَقَالَ الصولي عذبوه كَمَا فعلوا بالمعتز وهم أدخلوه للحمام حَتَّى أقرّ بالأموال ثمَّ خنقوه وَقَالَ أَحْمد بن الْحَارِث
(دِمَاء بني الْعَبَّاس غير ضوائع ... وَلَا سِيمَا عِنْد العبيد الملاطع)
(طَغى صَالح لَا قدس الله صَالحا ... على ملك ضخم الْعلَا والدسائع)
(طَغى وبغى جهلا ونوكاً وغرة ... وَأورد مَوْلَاهُ كريه المشارع)