سنة ثَمَانِينَ وسِتمِائَة قلت جوّد إعرابه وَهُوَ من الْكَشَّاف وحرّر الْوُقُوف وأنواعها من التامّ وَالْكَافِي واحسن والجائز وَغير ذَلِك
٣ - (علم الدّين ابْن الصاحب)
أَحْمد بن يُوسُف بن عبد الله بن شكر الشَّيْخ علم الدّين ابْن الصاحب الْمصْرِيّ الْفَقِير الْمُجَرّد
اشْتغل فِي صباه وحصّل ودرسّ وَكَانَ ذكياً فَاضلا إِلَّا أَنه تجرّد وتمفقر وَأطلق طباعه وَكَانَ يجارد الرؤساء وَغَيرهم ويركب فِي قفص حمالٍ ويتضارب الحمّالون على حمله لِأَنَّهُ كَانَ مهما فتح لَهُ من الرؤساء كَانَ للَّذي يحملهُ فيستمر رَاكِبًا فِي القفص والحمال يَدُور بِهِ فِي أَمَاكِن الْفرج والنزه وَكَانَ يتعمم بشرطوط طَوِيل جدا دَقِيق الْعرض ويعاشر الحرافيش وَله أَوْلَاد رُؤَسَاء توفّي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة أَخْبرنِي من لَفظه الشَّيْخ الإِمَام نجم الدّين أَبُو مُحَمَّد الْحسن خطيب صفد قَالَ رَأَيْته أشقر أَزْرَق الْعين عَلَيْهِ قَمِيص أَزْرَق وَبِيَدِهِ عكازة حَدِيد
انْتهى وَأَخْبرنِي من لَفظه الْحَافِظ فتح الدّين مُحَمَّد بن سيد النَّاس قَالَ كَانَ ابْن الصاحب يعاشر الْفَارِس أقطاي فاتفق أَنهم كَانُوا يَوْمًا على ظهر النّيل فِي شختور وَكَانَ الْملك الظَّاهِر بيبرس مَعَ الْفَارِس وَجرى بَينهم أَمر ثمَّ ضرب الدَّهْر ضربانه وَركب الظَّاهِر يَوْمًا إِلَى الميدان وَلم)
يكن عمّر قنطرة السّباع وَكَانَ التَّوَجُّه إِلَى الميدان على بَاب زويلة على بَاب الْخرق وَكَانَ ابْن الصاحب ذَلِك الْيَوْم نَائِما على قفص صيرفي من تِلْكَ الصيارف برّاً بَاب زويلة وَلم يكن أحد يتَعَرَّض لِابْنِ الصاحب فَلم يشْعر الظَّاهِر إلاّ وَابْن الصاحب يضْرب بمفتاح فِي يَده على خشب الصَّيْرَفِي قَوِيا فَالْتَفت فَرَآهُ فَقَالَ هاه علم الدّين فَقَالَ إيش علم الدّين أَنا جيعان فَقَالَ اعطوه ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم وَكَانَ ابْن الصاحب أَشَارَ بِتِلْكَ الدّقة على الْخشب إِلَى دقة مثلهَا يَوْم الْمركب انْتهى
وَيُقَال إِن الصاحب بهاء الدّين ابْن حنّا هُوَ الَّذِي أحوجه إِلَى أَن ظهر بذلك الْمظهر وأخمله وجننه لكَونه من بَيت وزارة وَالله أعلم وَله نكت بديعة فِي الزَّائِد على رَأْي المصريين مِنْهَا أَنه حضر يَوْمًا بعض الدارس والنقيب يَقُول بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الله فلَان الدّين القليوبي
بِسم الله فلَان الدّين الدمنهوري بِسم الله فلَان الدّين المنوفي بِسم الله فلَان الدّين البهنسي وَيذكر نسب كل مِنْهُم إِلَى بَلْدَة من الرِّيف فَقَالَ ابْن الصاحب والك أهذه مدرسة وإلاّ منفض كتّان يَعْنِي أَنهم فلاحون وَمِنْهَا أَنه حضر يَوْمًا درس بعض الْمدَارِس وَبَحَثُوا فِي شَيْء خبطوا فِيهِ فَقَامَ من بَينهم وَجلسَ فِي حَلقَة الدَّرْس مشيرأً إِلَى أَنه يَبُول فَقيل لَهُ مَا هَذَا فَقَالَ لَا بَأْس يالرجل يَبُول بَين غنمه وبقره
وَمِنْهَا أَنه دخل يَوْمًا إِلَى مدرسة فسمعهم من الدهليز وهم يغتابونه فلّما دخل أَخذ يَبُول عَلَيْهِم فَقَالُوا لَهُ مَا هَذَا فَقَالَ كل مَا أكل لَحْمه فبوله طَاهِر وَمِنْهَا أَن الْأَمِير علم الدّين الشجاعي لما فرغ من المنصورية رَآهُ يَوْمًا بَين القصرين فَقَالَ لَهُ يَا علم الدّين أَيّمَا أحسن هَذِه أَو مدرسة