(وَقد طلب الصُّلْح منا اللعين ... فَمَا فَازَ إِلَّا بخفي حنين)
(إِذا مَا تكاثر إرْسَاله ... يكون الْجَواب شبا المرهفين)
(فَلم لَا تشمر عَن ساعد ... وتضرب بِالسَّيْفِ فِي المغربين)
(وَقد خدمتنا مُلُوك الزَّمَان ... وَقد قصدتنا من العدوتين)
(فنسأل من رَبنَا عونه ... على مَا نوينا من الْجَانِبَيْنِ)
وَمِمَّا ذكر عَنهُ لَهُ قَوْله الطَّوِيل
(أيا ربة الْحسن الَّتِي أذهبت نسكي ... على كل حَال أَنْت لَا بُد لي مِنْك)
(فَأَما بذل وَهُوَ أليق بالهوى ... وَإِمَّا بعز وَهُوَ أليق بِالْملكِ)
انْتهى مَا أَخْبرنِي الشَّيْخ أثير الدّين قلت لم أثبت هَذِه الْقطعَة الأولى إِلَّا من كَونهَا شعر سُلْطَان وَإِلَّا فَلَيْسَتْ مِمَّا ينتقي وَإِمَّا البيتان الكافيان فَإِنِّي نظمت جَوَابه مجاراة كَأَنِّي حاضره وَفِي وَزنه ورويه وَهُوَ الطَّوِيل
(مَتى لَاق بالعشاق عز وسطوة ... كَأَنَّك من ذل الْمحبَّة فِي شكّ)
(تلق الْهوى مَعَ مَا ملكت بذلة ... لتنظم مَعَ أهل الْمحبَّة فِي سلك)
بُويِعَ السُّلْطَان أَبُو عبد الله بعد أَبِيه سنة إِحْدَى وَسبعين فتملك ثَمَانِيَة أَعْوَام ثمَّ توثب عَلَيْهِ أَخُوهُ أَبُو الجيوش نصر وظفر بِهِ فخلعه وسجنه مُدَّة ثمَّ جهزه إِلَى بَلَده شلوبينة فحبسه إِلَى أَن تحرّك على نصر ابْن أُخْته الْغَالِب بِاللَّه وَطلب نصر أَخَاهُ المخلوع إِلَى غرناطة فَجعله عِنْده بالحمراء فِي بَيت أُخْته وَمرض أَبُو الجيوش نصر فأغمى عَلَيْهِ ثَلَاثَة أَيَّام فأحضر الكبراء أَخَاهُ ليملكوه فَلَمَّا عوفى أَبُو الجيوش تعجب من مَجِيئه وَأخْبر فغرقه خوفًا من شهامته وَكَانَ خلعه سنة تسع وَتِسْعين وَسبع مائَة ووفاته
٣ - (الشَّيْخ محيي الدّين الشاطبي الْمُحدث الْمَالِكِي)
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن ابراهيم بن الْحُسَيْن بن سراقَة مُحي الدّين أَبُو بكر الْأنْصَارِيّ الأندلسي الشاطبي مولده فِي شهر رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخمْس مائَة بشاطبة وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وست مائَة بِالْقَاهِرَةِ وَدفن بسفح)
المقطم سمع الْكثير وَولي مشيخة دَار الحَدِيث البهائية بحلب ثمَّ قدم الديار المصرية وَولي مشيخة دَار الحَدِيث الكاملية بِالْقَاهِرَةِ إِلَى حِين وَفَاته وَكَانَ أحد الْأَئِمَّة الْمَشْهُورين بغزارة الْفضل وَكَثْرَة الْعلم وَالْجَلالَة والنبل وَاحِد الْمَشَايِخ المعروفين بطرِيق الْقَوْم وَله فِي ذَلِك إشارات لَطِيفَة مَعَ مَا جبل عَلَيْهِ من كرم الْأَخْلَاق واطراح التَّكْلِيف ورقة الطَّبْع ولين الْجَانِب وَله شعر مِنْهُ الطَّوِيل
(إِلَى كم أمنى النَّفس مَا لَا تناله ... فَيذْهب عمري والأماني لَا تقضى)