وَقَالَ ابْن عبد البرّ قدم جرير يَعْنِي ابْن عبد الله البَجلِيّ عَلَى عمر بن الخطّاب من عِنْد سعد بن أبي وقّاص فَقَالَ لَهُ كَيْفَ تركت سَعْدا فِي ولَايَته فَقَالَ لَهُ تركته أكْرم النَّاس مقدرَة وَأَحْسَنهمْ معذرةً وَهُوَ لَهُم كالأمّ البرّة يجمع لَهُم كَمَا يجمع الذرّة مَعَ أنّه مَيْمُون الْأَثر مَرْزُوق الظفر أشدّ النَّاس عِنْد الْبَأْس وأحبّ قُرَيْش إِلَى النَّاس وَعَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ استجب لسعدٍ إِذا دعَاك فَكَانَ من دُعَائِهِ أَن دَعَا عَلَى الْكَاذِب من أهل الْكُوفَة بقوله إنّه كَانَ لَا يعدل فِي القضيّة وَلَا يقسم بالسوّية وَلَا يسير بالسريّة فَقَالَ سعد اللهمّ إِن كَانَ كاذباُ فأعمِ)
بَصَره وأطل عمره وعرّضْه للفتن قَالَ عبد الْملك بن عُمَيْر فَأَنا رَأَيْته بعدُ يتعرّض للإماء فِي السكَك فَإِذا سُئِلَ كَيْفَ أَنْت يَقُول كَبِير مفتون أصابتني دَعْوَة سعدٍ وَفِي رِوَايَة قَالَ فَمَا مَاتَ حَتَّى عمي وَكَانَ يلْتَمس الجدارات وافتقر حتّى سَأَلَ النَّاس وَأدْركَ فتْنَة الْمُخْتَار بن أبي عبيد فقُتل فِيهَا
وَمن ذَلِكَ أنّ سَعْدا أَصَابَهُ فِي حَرْب القادسيّة جراح فَلم يشْهد يَوْم فتحهَا فَقَالَ رجل من بجلة من الطَّوِيل
(ألم تَرَ أنّ الله أظهر دينه ... وَسعد بِبَاب القادسيّة مُعصِمُ)
(فأُبْنا وَقَدْ أمت نساءٌ كثيرةٌ ... ونسوةُ سعدٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أيّمُ)
فَقَالَ سعد اللهمّ اكفِنا يدَه ولسانّه فَجَاءَهُ سهم غرب فَأَصَابَهُ بِهِ فخرس ويبست يَده جَمِيعًا
وَمن ذَلِكَ دعاؤه عَلَى الَّذِي سَمعه يسبّ عليّاً وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر فَنَهَاهُ فَلم يَنْتَهِ وَقَالَ يتهدّدني كَمَا يتهدّدني نبيٌّ فَقَالَ سعد اللهّم إِن كنت تعلم أنّ هَذَا الرجل سبّ أَقْوَامًا قَدْ سلف لَهُم مِنْك سَابِقَة أسْخَطَك سبُّه إيّاهم فأرِه الْيَوْم آيَة تكون آيَة للْعَالمين فخرجتْ ناقةٌ نادَّةٌ فخبطتْهُ حَتَّى مَاتَ
وَمن ذَلِكَ دعاؤه عَلَى امرأةٍ كَانَتْ تطّلع عَلَيْهِ فَنَهَاهَا فَلم تنتِه فَقَالَ شَاهَ وجهُكِ فَعَاد وَجههَا فِي قفاها وَعَن سعيد بن المسيّب قَالَ خرجت جَارِيَة لسعد وَعَلَيْهَا قَمِيص جَدِيد فكشفتها الرّيح فشدّ عَلَيْهَا عمر بالدّرة وَجَاء سعد ليمنعه فتناوله بالدرّة فَذهب سعد يَدْعُو عَلَى عمر فَنَاوَلَهُ الدرّة وَقَالَ اقْتَصّ فَعَفَا عَن عمر قَالَ الزبير كَانَ سعد قَدْ اعتزل آخر عمره فِي قصر بناه بِطرف حَمْرَاء الْأسد واتخّذها أرْضاً وَمَات بِهَا وحُمل إِلَى الْمَدِينَة فدُفن بِهَا
٣ - (أَبُو سعيد الخدْري)
سعد بن مَالك بن سِنَان أَبُو سعيد الْأنْصَارِيّ الخزرجي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute