(وَمَا قُرب مولى السوء إلاّ كبعده ... بل البُعْدُ خيرٌ من عَدوٍّ تُقارِبُهْ)
(وإنّي وتأميلي جذيمةَ كَالَّذي ... يُؤَمِّلُ مَا لَا يدْرك الدهرَ طالبُهْ)
(فأمّا إِذا استغنيتُمُ فَعَدُوُّكم ... وأُدْعَى إِذا مَا غصَ بِالْمَاءِ شاربهْ)
وَقَالَ صَاحب الأغاني مولى بني لَيْث وَقيل بل الدئلي من شعراء بني أميّة ومتعصّبيهم
حكى عَنهُ مُسلم نب الْوَلِيد قَالَ سمعْتُ يزِيد بن مزِيد يَقُول سمعْتُ هَارُون الرشيد يَقُول سمعْتُ المهديّ يَقُول سمعْتُ الْمَنْصُور يَقُول خرجْتُ أُريد الشأم فِي أيّام مَرْوَان بن محمّد
فصحبني فِي الطَّرِيق رجل ضَرِير فسألْتُهُ عَن مقْصده فَقَالَ إنّي أُريد مَرْوَان بشعرٍ امتدحْتُهُ بِهِ فاستنشدْتُهُ إيّاه فأنشدني من الْخَفِيف
(لَيْت شعري أفاح رَائِحَة الْمس ... ك وَمَا إِن إخال بالخَيفِ أُنسي)
(حِين غَابَتْ بَنو أميّة عَنهُ ... والبهاليل من بني عبد شمسِ)
(خُطباء على المنابر فُرس ... نُ عَلَيْهَا وقالةٌ غيرُ خُرْسِ)
(لَا يُعابون صامِتِينَ وَإِن قا ... لوا أَصَابُوا وَلم يَقُولُوا بلبسِ)
(بحلوم إِذا الحلومُ استُخفَّت ... ووجوهٍ مثل الدَّنَانِير مُلْسِ)
قَالَ فوَاللَّه مَا فرغ من إنشاده حَتَّى توهّمت أَن الْعَمى قد أدركن وافترقْنا
فلمّا أفّضَت إِلَيّ الخلافةُ خرجْتُ حاجّاً فَنزلت أَمْشِي بجبلي زرود فبصُرْتُ بالضرير فقرّقْتُ من كَانَ معي ثمَّ دنوتُ مِنْهُ فقلتُ لَهُ أتعرفني فَقَالَ لَا قلتُ أَنا رفيقُك وَأَنت تُريد الشأم أيّام مَرْوَان فَقَالَ أوّه من الْكَامِل
(أمْست نِساءُ بني أميّةَ مِنْهم ... وبناتهم بمضيعةٍ أيتامُ)
(نَامَتْ جدودهُمُ وأُسقط نجمهم ... والنجم يسْقط والجدود تنامُ)
(خلت المنابر والأسرِة مِنْهُم ... فعليهمُ حتّى الْمَمَات سلامُ)
قلت فَمَا كَانَ مَرْوَان أَعْطَاك بِأبي أَنْت قَالَ أغناني أَن أسأَل أحدا بعده فهممْتُ بقتْله ثمَّ ذكْرتُ حقّ الاسترسال والصحبة فَأَمْسَكت عَنهُ وَغَابَ عَن عَيْني فَبَدَا لي فأمرْتُ بِطَلَبِهِ فكأنّما)
البيداءُ بادت بِهِ قلت وَهَذِه الْحِكَايَة تدلّ على أنّ أَبَا العبّاس عَاشَ إِلَى سنة سبع وَثَلَاثِينَ لأنّ الْمَنْصُور ولي الْخلَافَة سنة ستّ وَثَلَاثِينَ
[الألقاب]
ابْن السائح الْوَكِيل اسْمه بركَة بن عليّ
قَاضِي الْقُضَاة أَبُو السَّائِب عتبَة بن عبيد الله