كتب إِلَى صديق لَهُ يقترض مِنْهُ شَيْئا فَكتب إِلَيْهِ يعْتَذر وَيحلف أَنه لَيْسَ عِنْده مَا سَأَلَهُ فَكتب إِلَيْهِ إِن كنت كَاذِبًا فجعلك الله صَادِقا وَإِن كنت ملوماً فجعلك الله مَعْذُورًا وَكَانَ بَين جمَاعَة ينشدهم من شعره وَيَتَحَدَّثُونَ فَتحَرك فضرط فَضرب بِيَدِهِ على استه غير مكترث ثمَّ قَالَ إِمَّا أَن تسكتي حَتَّى أَتكَلّم وَإِمَّا أَن تتكلمي حَتَّى أسكت وَجَاء إِلَى بشار بن برد فَقَالَ لَهُ مَا رَأَيْت)
أعمى قطّ إِلَّا وَقد عوضه الله من بَصَره إِمَّا الْحِفْظ أَو الذكاء أَو حسن الصَّوْت فَأَي شَيْء عوضت قَالَ أَنِّي لَا أرى مثلك ثمَّ قَالَ من أَنْت وَيحك قَالَ ابْن سيابة فَقَالَ لَو نكح الْأسد فِي استه ذل وَكَانَ ابْن سيابة يَرْمِي بذلك ثمَّ قَالَ بشار
(لَو نكح اللَّيْث فِي استه خضعا ... وَمَات جوعا وَلم ينل طبعا)
(كَذَلِك السَّيْف عِنْد هزته ... لَو بَصق النَّاس فِيهِ مَا قطعا)
وَقيل إِنَّه أَتَى إِلَى ابْن سورا بن عبد الله القَاضِي وَهُوَ أَمْرَد فعانقه وَقَبله وَكَانَ إِبْرَاهِيم سَكرَان وَكَانَت مَعَ ابْن القَاضِي داية يُقَال لَهَا رحاص فَقيل لَهَا لم يقبل تَقْبِيل السَّلَام وَإِنَّمَا قبله شَهْوَة فلحقته الداية وشتمته وأسمعته كل مَا يكره وهجره الْغُلَام فَقَالَ
(أإن لثمتك سرا ... فأبصرتني رحاص)
(وَقَالَ فِي ذَاك قومٌ ... على انتقاصي حراص)
(هجرتني وأتتني ... شتيمةٌ وانتقاص)
(فهاك فاقتص مني ... إِن الجروح قصاص)
٣ - (النظام المعتزلي)
إِبْرَاهِيم بن سيار بن هَانِئ الْبَصْرِيّ الْمَعْرُوف بالنظام بالظاء الْمُعْجَمَة الْمُشَدّدَة قَالَت الْمُعْتَزلَة إِنَّمَا لقب بذلك لحسن كَلَامه نظماً ونثراً وَقَالَ غَيرهم إِنَّمَا سمي بذلك لِأَنَّهُ كَانَ ينظم الخرز بسوق الْبَصْرَة ويبيعها وَكَانَ ابْن أُخْت أبي الْهُذيْل العلاف شيخ الْمُعْتَزلَة وَكَانَ إِبْرَاهِيم هَذَا شَدِيد الذكاء حُكيَ أَنه أَتَى أَبُو الْهُذيْل العلاف إِلَى صَالح بن عبد القدوس وَقد مَاتَ لَهُ ولد وَهُوَ شَدِيد التحرق عَلَيْهِ وَمَعَهُ النظام وَهُوَ حدث فَقَالَ لَهُ أَبُو الْهُذيْل لَا أعرف لتحرقك وَجها إِذْ كَانَ النَّاس عنْدك كالزرع فَقَالَ إِنَّا أجزع عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لم يقْرَأ كتاب الشكوك فَقَالَ وَمَا هُوَ قَالَ كتاب وَضعته من قَرَأَهُ شكّ فِيمَا كَانَ حَتَّى يتَوَهَّم فِيمَا كَانَ أَنه لم يكن وَفِيمَا لم يكن حَتَّى يظنّ أَنه كَانَ فَقَالَ النظام فَشك أَنْت فِي موت ابْنك واعمل على أَنه لم يمت أَو أَنه عَاشَ وَقَرَأَ هَذَا الْكتاب وَلم يمت لَا بعد ذَلِك فبهت صَالح وَحصر ويحكى عَنهُ أَيْضا أَنه أُتِي بِهِ إِلَى الْخَلِيل ابْن أَحْمد فِيمَا أَظن ليتعلم البلاغة فَقَالَ لَهُ ذمّ هَذِه النَّخْلَة فذمها
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute