أَنا أَسِير فِي بعض الفلوات إِذا أَنا بِرَجُل قد نصب حِبَالًا لَهُ فَقلت لَهُ مَا أحتسبك هَا هُنَا قَالَ أهلكني وَأَهلي الْجُوع فَنصبت حبالتي هُنَا لأصيب لَهُم شَيْئا يَكْفِينِي ويعصمنا يَوْمنَا هَذَا
قلت أَرَأَيْت إِن قُمْت مَعَك فَأَصَبْت صيدا تجْعَل لي مِنْهُ جُزْءا قَالَ نعم فَبينا نَحن كَذَلِك وَقعت ظَبْيَة فِي الحبالة فخرجنا نَبْتَدِر فبدرني إِلَيْهَا فَحلهَا وأطلقها فَقلت لَهُ مَا حملك على هَذَا قَالَ دخلتني لَهَا رقة شبهتها بليلى وَأَنْشَأَ يَقُول
(أيا شبه ليلى لَا تراعي فإنني ... لَك الْيَوْم من وحشيةٍ لصديق)
(أَقُول وَقد أطلقتها من وثاقها ... فَأَنت لليلى مَا حييت طليق)
وَكَانَ كثير يهوى عزة وَله فِيهَا الشعار الْمَشْهُورَة وَكَانَ بِمصْر وَهِي بِالْمَدِينَةِ فاشتاق إِلَيْهَا)
فسافر غليها فلقيها فِي الطَّرِيق وَهِي متوجهة إِلَى مصر فَجرى بَينهمَا كَلَام طَوِيل الشَّرْح
ثمَّ إِنَّهَا انفصلت عَنهُ وقدمت مصر وَعَاد كثير إِلَى مصر فوافاها وَالنَّاس منصرفون من جنازتها فَأتى قبرها وأناخ رَاحِلَته وَمكث سَاعَة ثمَّ رَحل وَهُوَ يَقُول أبياتاً مِنْهَا
(أَقُول ونضوي واقفٌ عِنْد قبرها ... عَلَيْك سَلام الله وَالْعين تسفح)
(وَقد كنت ابكي من فراقك حَيَّة ... فَأَنت لعمري الْيَوْم أنأى وأنزح)
وَمن شعره فِيهَا
(وَإِنِّي وتهيامي بعزة بَعْدَمَا ... تسليت من وجدٍ بهَا وتسلت)
(كالمرتجي طل الغمامة كلما ... تبوأ مِنْهَا للمقيل اضمحلت)
وشعره وأخباره كَثِيرَة مَذْكُورَة فِي كتاب الأغاني
كَانَ شِيعِيًّا يَقُول بتناسخ الْأَرْوَاح وَيقْرَأ آيَة فِي أَي صُورَة مَا شَاءَ ركبك
وَكَانَ يُؤمن برجعة عَليّ بن أبي طَالب إِلَى الدُّنْيَا وَكَانَ فِيهِ خطل وَعجب وَكَانَ لَهُ عِنْد قُرَيْش منزلَة وَقدر
وَلما قتل يزِيد بن الْمُهلب بن أبي صفرَة وَجَمَاعَة من أهل بَيته بعقر بابل وَكَانُوا يكثرون الْإِحْسَان إِلَيْهِ قَالَ مَا أجل الْخطب ضحى بَنو حَرْب بِالدّينِ يَوْم الطف وضحى بَنو مَرْوَان بِالْكَرمِ يَوْم القعر
الكثيري العابر أَبُو الْفضل جَعْفَر بن الْحُسَيْن
٣ - (المنصوري)
كجكن الْأَمِير سيف الدّين المنصوري عمر دهراً طَويلا وَكَانَ السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد ينْتَظر مَوته وَيسْأل عَنهُ كل من يصل من دمشق
حَدثنِي الْأَمِير