(ويوئس الْعَاقِل من رغائبه ... حَتَّى ترَاهُ حذرا من جَانِبه)
(مستوحشاً من إلفه وَصَاحبه ... صَار الْوَزير عَاملا لكَاتبه)
(يأمل أَن يرفق فِي مكاسبه ... لسيتدرَّ النَّفْع من مطالبه)
وَلم يزل الْحَال كَذَلِك أَربع سِنِين وَعشرَة أشهر وَأَرْبَعَة وَعشْرين يَوْمًا إِلَى أَن تولّى ابْن الْفُرَات الوزارة الثَّالِثَة وأحضر حَامِد بن الْعَبَّاس إِلَى بَغْدَاد وتسلمه وَقبض عَلَيْهِ فَأخذ مِنْهُ أَمْوَالًا عَظِيمَة إِلَى الْغَايَة ثمَّ سلمه إِلَى ابْنه المحسّن فعذَّبه وَأنزل بِهِ المكاره إِلَى أَن لم يبْق لَهُ غير ضَيْعَة بواسط فنفذه إِلَى هُنَاكَ فاشتهى فِي الطَّرِيق بيض نيمرشت فَوضع لَهُ فِيهَا سمّ فَلَمَّا حساه مَاتَ فِي ثَلَاث عشرَة لَيْلَة خلت من شهر رَمَضَان سنة إِحْدَى عشرَة وثلاثمئة بالإسهال
ولمّا سلّم إِلَى المحسِّن بن الْفُرَات كَانَ يُخرجهُ إِذا شرب فيلبسه جلد قردٍ لَهُ ذنبٌ وَيُقِيم من يرقصه ويصفعه وَهُوَ يشرب على ذَلِك وَفعل بِهِ مَعَ الْعَذَاب كل قَبِيح وَلما مَاتَ جعل النَّاس يصلونَ على قَبره بواسط أَيَّامًا مُتَوَالِيَة ثمَّ إِنَّه استخرج من قَبره بعد ابْن الْفُرَات وَحمل إِلَى بَغْدَاد وَدفن فِي مَقْبرَة تعرف بِهِ بالجانب الغربي وَكَانَ رَحمَه الله لما اشتدت بِهِ الْمُطَالبَة وَالْعَذَاب قد دلّهم على المستراح المقدّم ذكره فَأَخذه مِنْهُ أربعمئة ألف دِينَار وحامد بن العبّاس هُوَ الَّذِي تولّى مناظرة الحلاّج فِي أَيَّامه وخاطب المقتدر فِي قَتله وَصله كَمَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي تَرْجَمَة الحلاّج
٣ - (أَبُو غَانِم الدُّهلي)
حَامِد بن فَارس بن الْحُسَيْن أَبُو غَانِم الدُّهلي كَانَ متأدباً يَقُول الشّعْر أورد لَهُ محب الدّين بن النجار من الطَّوِيل
(سقى الله أَعْلَام اللوى حِين تبرق ... وجاد أعاليها السّحاب المروَّق)
(وَلَا بَرحت غرُّ السَّحَاب تصونه ... وريح الصَّبا فِي حافتيه تصفِّق)
)
(عهِدت بِهِ والدهر يجمع شملنا ... غزالاً إِلَيْهِ للقلوب تشوّق)
(ويابانة الْوَادي ببطحاء مكةٍ ... عَلَيْك سلامي كلما لَاحَ رونق)
(فقلبي إِلَى تِلْكَ الديار وَأَهْلهَا ... يروح وَيَغْدُو هائماً يتملّق)
قلت شعر نَازل وتواف غير متمكنة
وَالِده فَارس إِذا قيل لَهُ أيّ ولديك أحبُّ إِلَيْك حَامِد أَو شُجَاع يَقُول لَو ضَاعَ شُجَاع وَجَاء وَاحِد بشّرني بِهِ أَعْطيته حامداً وَتُوفِّي حَامِد سنة خمس وَثَمَانِينَ وأربعمئة بِبَغْدَاد
٣ - (الصفّار الْحَنْبَلِيّ)
حَامِد بن مُحَمَّد بن حَامِد الصفار أَبُو عبد الله الْأَصْبَهَانِيّ كَانَ فَقِيها فَاضلا حنبلياً وَله معرفَة بِالْحَدِيثِ وَالْأَدب سمع أَبَاهُ وَأَبا طَاهِر مُحَمَّد بن أبي نصر التَّاجِر الْمَعْرُوف بهاجر وَأَبا الْخَيْر مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر الباغيان وَغَيرهم وَقدم بَغْدَاد حاجّاً وَسمع بهَا سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وخمسمئة
٣ - (أَخُو الْعِمَاد الْكَاتِب)
حَامِد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَله أَبُو بكر الْأَصْبَهَانِيّ أَخُو