٣ - (ابْن برق وَالِي دمشق)
أَحْمد بن أبي بكر بن أَحْمد بن برق الْأَمِير شهَاب الدّين مُتَوَلِّي مَدِينَة دمشق كَانَ أَولا وَالِي صيداء فَأحْسن السِّيرَة بهَا والسمعة فنقله الْأَمِير سيف الدّين تنكز رَحمَه الله إِلَى ولَايَة مَدِينَة دمشق فَأَقَامَ فِيهَا مُدَّة مديدة وَكَانَ إنْسَانا حسنا يحب الْفُضَلَاء ويؤثرهم وعَلى ذهنه حكايات ووقائع وَشعر وَغَيره وساس النَّاس بهَا سياسةً حَسَنَة وَلم يبد مِنْهُ مَا أنكرهُ النَّاس عَلَيْهِ إِلَّا وَاقعَة ابْنة لاجين لما كبست فَإِن الْأَمِير سيف الدّين تنكز خنقها وَحبس من كَانَ مَعهَا مدَدا زمانية بعد مَا ركبُوا على اللّعب للصلب وَكَانَ ذَلِك من قُوَّة أنفاس الممسوكين فَإِنَّهُم تجهزوا عَلَيْهِ فَاحْتَاجَ إِلَى إِعْلَام النَّائِب بذلك فَكَانَ مَا كَانَ وَكَانَ أَمِير عشرَة وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَكَانَ الْأَمِير سيف الدّين تنكز رَحمَه الله قد جعله حكم البندق عوضا عَن الْأَمِير صارم الدّين صاروجا فَكتبت لَهُ بذلك توقيعاً ونسخته الْحَمد لله لم يزل حَمده وَاجِبا ورفده لكل خير واهبا وشكره للنعم جالبا وللنقم حاجبا وَذكره للبؤس سالباً وللنعيم كاسبا نحمده على نعمه الَّتِي نصرع بِالْحَمْد أَصْنَاف أطيارها وَنقص بالشكر أَجْنِحَتهَا فَلَا قدرَة لَهَا على مطارها ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة لَا يكون لنا بهَا عَن الْفَوْز بِالْجنَّةِ عذر وَلَا نجد بهَا نفوسنا يَوْم الْبَعْث إِلَّا فِي حواصل طيور خضر ونشهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله أفضل من قدم ذَوي الرتب وأشرف من حكم بِالْعَدْلِ العاري عَن الشُّبْهَة والريب صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَأَصْحَابه الَّذين كَانُوا فِي الحروب عقبانها الكواسر وفرسانها الَّذين أشبعوا من لُحُوم العدى ذَوَات المخالب والمناسر مَا أَحْمد الرَّامِي فِي المرام عزمه وسعت لَهُ فِي الرتب قدم قدمه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا
وَبعد فَلَمَّا كَانَ الرَّمْي بالبندق فَنًّا تعاطاه الْخُلَفَاء وَالْملك وسلك الْأُمَرَاء والعظماء مِنْهُ طَريقَة لَطِيفَة المأخذ ظريفة السلوك يرتاضون بِهِ عِنْد الْملَل لاسترواح نُفُوسهم ويجنون ثَمَرَات المنى فِي التَّنَزُّه من عروس غروسهم ويبرزون إِلَى مَا يروق الطّرف ويروع الطير من بزاتهم وينالونه ببنادق الطين من الطير مَا لَا يَنَالهُ سواهُم بجوارح صقورهم وَلَا بزاتهم قد نبذوا فِي تَحْصِيل الْمَرَاتِب الْعلية شواغل العلق وتدرعوا شار الصدْق بَينهم وهم أَصْحَاب)
الملق وَمنعُوا جفونهم من وُرُود حِيَاض النّوم إِلَّا تحله وظهروا بِوُجُوه هِيَ البدور وقسي هِيَ الأهله وتنقلوا فِي صيد النسور تنقل الرخ وصادوا الطُّيُور فِي الجو لما نثروا حبات الطين من كل قَوس هِيَ كالفخ وصرخوا على الأوتار فَكَانَت ندامى الأطيار على سلاف الْمِيَاه من جملَة صرعاها واقتطفوا زهرات كل رَوْضَة أخرجت ماءها ومرعاها احْتَاجَت هَذِه الطَّرِيق إِلَى ضوابط تراعي فِي شُرُوطهَا وتسحب على الجادة أذيال مروطها ليقف كل رام عِنْد طور طيره ويسبر بتقدمه غور غَيره ليؤمن من التَّنَازُع فِي الْمَرَاتِب وَيسلم أهل هَذِه الطَّرِيقَة من العائب والعاتب
وَكَانَ الْمجْلس السَّامِي الأميري الشهابي أَحْمد بن برق هُوَ الَّذِي جر فِيهَا على المجرة مطرفه وَأصْبح ابْن بجدتها علما ومعرفه تطرب الأسماع من نغمات أوتاره وتنشق مرائر الطير
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute