رَاشد بن الْمثنى يَنْتَهِي إِلَى تغلب هُوَ أَبُو مُحَمَّد نَاصِر الدولة بن أبي الهيجاء صَاحب الْموصل وَمَا والاها تنقلت بِهِ الْأَحْوَال تاراتٍ إِلَى أَن ملك الْموصل بعد أَن كَانَ بهَا نَائِبا عَن أَبِيه ولقبه الْخَلِيفَة المتقي لله نَاصِر الدولة وَذَلِكَ سنة ثَلَاثِينَ وثلاثمائة ولقب أَخَاهُ سيف الدولة فِي ذَلِك الْيَوْم وَعظم شَأْنهمَا
وَكَانَ نَاصِر الدولة أكبر من سيف الدولة وأقدم منزلَة عِنْد الْخُلَفَاء وَكَانَ كثير التأدب مَعَه وَجَرت بَينهمَا وَحْشَة فَكتب إِلَيْهِ سيف الدولة من الْخَفِيف لست أجفو وَإِن جفيت وَلَا أترك حَقًا عَليّ فِي كل حَال إِنَّمَا أَنْت وَالِد وَالْأَب الجافي يجازى بِالصبرِ وَالِاحْتِمَال وَكتب إِلَيْهِ مرّة أُخْرَى من الطَّوِيل)
(رضيت لَك الْعليا وَإِن كنت أَهلهَا ... وَقلت لَهُم بيني وَبَين أخي فرق)
(وَلم يَك بِي عَنْهَا نكولٌ وَإِنَّمَا ... تجافيت بِي عَنْهَا فتم لَك الْحق)
(وَلَا بُد لي من أَن أكون مُصَليا ... إِذا كنت أرْضى أَن يكون لَك السَّبق)
قلت هَذِه الأبيات تنظر إِلَى قَول الشريف الرضى من الْكَامِل
(مهلا أَمِير الْمُؤمنِينَ فإننا ... فِي دوحة العلياء لَا نتفرق)
(مَا بَيْننَا هَذَا التَّفَاوُت كُله ... أبدا كِلَانَا فِي السِّيَادَة معرق)
(إِلَّا الْخلَافَة ميزتك وَإِنَّمَا ... أَنا عاطلٌ مِنْهَا وَأَنت مطوق)
وَكَانَ نَاصِر الدولة شَدِيد الْمحبَّة لِأَخِيهِ سيف الدولة فَلَمَّا توفّي سيف الدولة تَغَيَّرت أَحْوَال نَاصِر الدولة وَسَاءَتْ أخلاقه وَضعف عقله إِلَى أَن لم يبْق لَهُ حرمةٌ عِنْد أَوْلَاده وجماعته
فَقبض عَلَيْهِ وَلَده عدَّة الدولة فضل الله الْمَعْرُوف بالغضنفر بالموصل باتفاقٍ من إخْوَته وسيره إِلَى قلعة أردمشت
قَالَ ابْن الْأَثِير هِيَ القلعة الْمُسَمَّاة الْآن كواشي وَلم يزل بهَا مَحْبُوسًا إِلَى أَن توفّي سنة ثَمَان وَخمسين وثلاثمائة وَنقل إِلَى الْموصل وَدفن بتل تَوْبَة شَرْقي الْموصل وَكَانَت مُدَّة إمارته اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ سنة وَقتل أَبوهُ بِبَغْدَاد وَهُوَ يدافع عَن الإِمَام القاهر سنة سبع عشرَة وثلاثمائة
٣ - (ابْن القريق الْمُقْرِئ)
الْحسن بن عبد الله بن مُحَمَّد الْكَاتِب الْبَغْدَادِيّ أَبُو مُحَمَّد الْمُقْرِئ الْمَعْرُوف بِابْن القريق بقافين الأولى مَضْمُومَة وَبَينهمَا راءٌ مَكْسُورَة بعْدهَا يَاء آخر الْحُرُوف سَاكِنة كَذَا وجدته مضبوطا
قَرَأَ الْقُرْآن على أبي بكر بن مُجَاهِد وعَلى مُحَمَّد بن الْحسن النقاش وَأبي الْحسن مُحَمَّد