الْغَيْبَة إِذا غَابَ السُّلْطَان فِي الصَّيْد فَلَمَّا كَانَت وَاقعَة تنكز وإمساكه حضر مَعَ من حضر من الْأُمَرَاء صُحْبَة الْأَمِير سيف الدّين بشتاك ثمَّ رسم لَهُ بنيابة طرابلس عوضا عَن)
الْأَمِير سيف الدّين طينال فَتوجه إِلَيْهَا وَلم يزل بهَا إِلَى نوبَة الْأَمِير سيف الدّين طشتمر فِي أَيَّام الْأَشْرَف كجك فَتوجه صُحْبَة الْأَمِير عَلَاء الدّين ألطنبغا نَائِب الشَّام إِلَى حلب وَجرى مَا جرى على مَا يذكر فِي تَرْجَمَة الطنبغا ومخامرة الْعَسْكَر عَلَيْهِمَا مَعَ الفخري فَتوجه الْأَمِير سيف الدّين أرقطاي هُوَ والطنبغا إِلَى الْقَاهِرَة فَأمْسك مَعَه واعتقلا بالإسكندرية ثمَّ أفرج عَنهُ فِي أول دوله الصَّالح إِسْمَاعِيل بِوَاسِطَة الْأَمِير سيف الدّين ملكتمر الْحِجَازِي وَجعل كَمَا كَانَ أَولا بِالْقَاهِرَةِ من جملَة الْأُمَرَاء الْمَشَايِخ المقدمين فَأَقَامَ على ذَلِك إِلَى أَن توفّي الصَّالح رَحمَه الله تَعَالَى وَتَوَلَّى الْكَامِل شعْبَان فرسم لَهُ بنيابة حلب عوضا عَن الْأَمِير سيف الدّين يلبغا اليحيوي
فَحَضَرَ إِلَيْهَا فِي جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فَأَقَامَ قَلِيلا تَقْدِير خَمْسَة أشهر ثمَّ طُلب إِلَى مصر وجهز عوضه الْأَمِير سيف الدّين طقتمر نَائِب حماة فَتوجه إِلَى مصر وَأقَام بهَا قَلِيلا وَلم يزل إِلَى أَن خلع الْكَامِل وَتَوَلَّى المظفر حاجي فرسم لَهُ بنيابة مصر وَلم يزل بهَا نَائِبا إِلَى أَن خلع المظفر وَتَوَلَّى الْملك النَّاصِر حسن فَطلب الإعفاء من نِيَابَة مصر وَسَأَلَ أَن يُعَاد إِلَى نِيَابَة حلب فرسم لَهُ بذلك وَفِي رَابِع عشر شَوَّال سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة حضر إِلَى دمشق مُتَوَجها إِلَى نِيَابَة حلب وَلم يزل بهَا مُقيما إِلَى أَن قتل أرغون شاه نَائِب الشَّام على مَا تقدم فِي تَرْجَمته فرسم لَهُ بنيابة الشَّام ففرح النَّاس بِهِ وتوجهوا إِلَى حلب فاستعدّ لذَلِك وَخرج فِي طلبه وحاشيته وَكَانَ قبل ذَلِك قد حصل لَهُ حمى ثمَّ حصل لَهُ إسهال فوصل إِلَى منزلَة عين الْمُبَارَكَة ظَاهر حلب مرّة يركب الْفرس وَإِذا أثقل فِي الْمَرَض ركب فِي المحفة
وَتُوفِّي رَحمَه الله الْعَصْر من نَهَار الْأَرْبَعَاء خَامِس جُمَادَى الأولى سنة خمسين وَسَبْعمائة بِعَين الْمُبَارَكَة فَعَاد النَّاس خائبين وعاجوا بالترح بعد الْفَرح آيبين
وكنّا قد وصلنا نَحن إِلَيْهِ إِلَى حماه فجَاء خَبره وَلم يقدر لنا أَن نحل حماه فأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن عَليّ الْغَزِّي بحماة يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع جُمَادَى الأولى
(قَالُوا أرقطاي مَاتَ قلت وَهل ... فِي الْمَوْت بعد الْحَيَاة من عجب)
(مَا مَاتَ من فرحةٍ بنقلته ... بل مَاتَ من حزنه على حلب)