(وَلم أقْضِ اللُبانة من كلاب ... غداةَ غدٍ وآذَن بالفراقِ)
(فَتى الفتيان فِي يُسرٍ وعُسرٍ ... شديدُ الرُّكْن فِي يَوْم التلاقي)
(وَلَا أَبِيك مَا باليتَ وجدي ... وَلَا شفقي عَلَيْك وَلَا اشتياقي)
(وإبقائي عَلَيْك إِذا شَتونا ... وضمَّك تَحت نحري واعتناقي)
(فَلَو فلق الفؤادَ شديدُ وجدٍ ... لهمَّ سوادُ قلبِي بانفلاقِ)
(سأستعدي على الْفَارُوق ربّاً ... لَهُ دَفْعُ الحَجيج إِلَى سياقِ)
(وأدعو الله مُجْتَهدا عَلَيْهِ ... بِبَطن الأخشَبَيْن إِلَى دُفاق)
(إنِ الفاروقُ لم يردُدْ كلاباً ... إِلَى شيخين هامُهما زَواقِ)
فَبكى عمر رَضِي الله عَنهُ وَأمر برد كلاب إِلَى الْمَدِينَة فَلَمَّا قدم دخل إِلَيْهِ فَقَالَ مَا بلغ من برك بأبيك فَقَالَ كنت أوثره وأكفيه أمره وَكنت أعْتَمد إِذا أردْت أَن أحلب لَهُ أغزر نَاقَة فِي إبِله وأسمنها فأريحت وأتركها حَتَّى تَسْتَقِر ثمَّ أغسل أخلافها حَتَّى تبرد ثمَّ أحتلب لَهُ فأسقيه
فَبعث عمر رَضِي الله عَنهُ إِلَى أَبِيه من جَاءَ بِهِ وَأدْخلهُ وَقد ضعف بَصَره وانحنى فَقَالَ يَا أَبَا كلاب كَيفَ أَنْت فَقَالَ كَمَا ترى يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ هَل من حَاجَة فَقَالَ كنت أشتهي)
أَن أرى كلاباً فأشمه شمةً وأضمه ضمةً قبل أَن أَمُوت فَبكى عمر وَقَالَ ستبلغ فِي هَذَا مَا تحب إِن شَاءَ الله تَعَالَى ثمَّ أَمر كلاباً أَن يحتلب لِأَبِيهِ نَاقَة كَمَا كَانَ يفعل وَيبْعَث إِلَى أَبِيه فَفعل فَنَاوَلَهُ عمر الْإِنَاء وَقَالَ دُونك يَا أَبَا كلاب فَلَمَّا أَخذه وَأَدْنَاهُ إِلَى فَمه قَالَ لعمر الله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنِّي لأشم رَائِحَة كلاب من هَذَا الْإِنَاء فَبكى عمر وَقَالَ هَذَا كلاب حَاضر عنْدك فَنَهَضَ إِلَيْهِ وَقَبله وَجعل عمر يبكي وَمن حَضَره فَقَالَ لكلاب الزم أَبَوَيْك وَأمر لَهُ بعطائه وَأمره بالانصراف فلزمهما إِلَى أَن مَاتَا
٣ - (أُميَّة بن أبي أُميَّة عَمْرو)
هُوَ أَبُو مُحَمَّد ابْن أُميَّة وَقد تقدم ذكره فِي المحمدين كَانَ أُميَّة الْمَذْكُور يكْتب للمهدي على بَيت المَال وَكَانَ إِلَيْهِ ختم الْكتب بِحَضْرَتِهِ وَكَانَ يأنس بِهِ لأدبه وفضله ومكانه من ولائه فزامله أَربع دفعات حَجهَا فِي ابْتِدَائه ورجوعه
٣ - (أُميَّة ابْن أبي الصَّلْت)
وَاسم أبي الصَّلْت عبد الله بن أبي ربيعَة بن عَوْف من ثَقِيف كَانَ أَبوهُ شَاعِرًا وَهُوَ الْقَائِل من قصيدة يمدح ابْن جدعَان من الْكَامِل
(قومِي ثقيفٌ إِن سألتَ وأُسرتي ... وبهمْ أُدافع رُكن مَن عاداني)
(قومٌ إِذا نزل الغريبُ بدارهم ... ردُّوه ربَّ صواهلٍ وقيانِ)
(لَا ينكتون الأرضَ عِنْد سُؤَالهمْ ... لتطلّب العِلَات بالعيدان)