(فَمن ألفٍ كالغصن والهمز فَوْقهَا ... حمامٌ وَمَا غير السطور جداول)
(كَأَن نَهَارا ساطعاً قد تطلعت ... عَلَيْهِ من اللَّيْل البهيم أَوَائِل)
(وَإِلَّا كَأَن الصُّبْح ضَاعَ من الدجى ... وَقد قيدته للظلام سلاسل)
(وَإِن شِئْت قل فِيهِ عذارٌ منمنمٌ ... بخدٍ أسيلٍ وَاقِف وَهُوَ سَائل)
(وَإِن رمت تَحْقِيقا فعقدٌ منظم ... من الدّرّ والمسك الفتيت فواصل)
(تلوح على تِلْكَ السطور طلاوةٌ ... كَمَا راق ذُو حسنٍ ورقت شمائل)
(لقد رقمتها راحةٌ عَم جودها ... فَفِي كل قطر مِنْهُ برٌ ونائل)
(فَلَا بَرحت فِي رفْعَة مَا تنكرت ... صِفَات امرئٍ واستوجب الرّفْع فَاعل)
)
٣ - (وَزِير الْمَأْمُون)
الْحسن بن سهل بن عبد الله السَّرخسِيّ تولى وزارة الْمَأْمُون بعد أَخِيه ذِي الرياستين الْفضل
وحظي عِنْد الْمَأْمُون وَتزَوج ابْنَته بوران وَقد تقدم ذكرهَا فِي حرف الْبَاء
وَكَانَ الْمَأْمُون قد ولاه جَمِيع الْبِلَاد الَّتِي فتحهَا طَاهِر بن الْحُسَيْن وَكَانَ عالي الهمة كثير العطايا للشعراء وَغَيرهم وقصده بعض الشُّعَرَاء فأنشده من الوافر
(تَقول حليلتي لما رأتني ... أَشد مطيتي من بعد حل)
(أبعد الْفضل ترتحل المطايا ... فَقلت نعم إِلَى الْحسن بن سهل)
فأجزل عطيته
وَخرج مَعَ الْمَأْمُون يَوْمًا يشيعه فَلَمَّا عزم على مُفَارقَته قَالَ لَهُ الْمَأْمُون يَا أَبَا مُحَمَّد أَلَك حَاجَة قَالَ نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ تحفظ عَليّ قَلْبك فَإِنِّي لَا أَسْتَطِيع حفظه إِلَّا بك
قَالَ بَعضهم حضرت مجْلِس الْحسن بن سهل وَقد كتب لرجل كتابا شَفَاعَة فَجعل الرجل يشكره فَقَالَ الْحسن يَا هَذَا علام تشكرنا إِنَّا نرى الشفاعات من زَكَاة مروءاتنا
قَالَ وحضرته يَوْمًا آخر وَهُوَ يملي كتاب شفاعةٍ فَكتب فِي آخِره بَلغنِي أَن الرجل يسْأَل عَن فضل جاهه يَوْم الْقِيَامَة كَمَا يسْأَل عَن زَكَاة مَاله
وَقَالَ لِبَنِيهِ يَا بني تعلمُوا النُّطْق فَإِن فضل الْإِنْسَان على سَائِر الْبَهَائِم بِهِ وَكلما كُنْتُم بِهِ أحذق كُنْتُم أَحَق بالإنسانية
وَلم يزل الْحسن على وزارة الْمَأْمُون إِلَى أَن غلبت عَلَيْهِ السَّوْدَاء وَكَانَ سَببهَا كَثْرَة جزعه على أَخِيه الْفضل لما قتل وَلم تزل تستولي السَّوْدَاء عَلَيْهِ حَتَّى حبس فِي بَيته ومنعته من التَّصَرُّف