للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خمسين ألف دِرْهَم فَصَبر بهاء الدّين لذَلِك ولجأ إِلَى الله تَعَالَى وَتوجه هُوَ ووالده فَمَا كَانَ إِلَّا عَن قَلِيل حَتَّى أمسك طشتمر وَكَانَ أَخُوهُ القَاضِي شرف الدّين حُسَيْن الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى قد توجه إِلَى مصر ليسعى لِأَخِيهِ فعوق بغزة وَمنع من الدُّخُول إِلَى مصر فَجَاءَهُ الْخَبَر وَهُوَ فِي غَزَّة فَقَالَ شرف الدّين حُسَيْن وأنشدني ذَلِك لنَفسِهِ من لَفظه من السَّرِيع

(طشتمر الساقي سرى ظلمه ... إِلَى بني رَيَّان لَا عَن سبّ)

(فأرسلوا مِنْهُم سِهَام الدعا ... عَلَيْهِ فِي جنح الدجى فَانْقَلَبَ)

(وَهَذِه عَادَتهم قطّ مَا ... عاداهم الظَّالِم إِلَّا انعطب)

ثمَّ إِن بهاء الدّين اسْتمرّ فِي نظر الْجَيْش إِلَى أَن قدم الْأَمِير عَلَاء الدّين أيدغمش إِلَى نِيَابَة حلب فَأَحبهُ وَأَقْبل عَلَيْهِ وَلما رسم لَهُ بنيابة دمشق كتب فِي حَقه إِلَى السُّلْطَان بِأَن يكون نَاظر جَيش دمشق ثمَّ فتر عزمه عَن ذَلِك

فَلَمَّا جَاءَ الْأَمِير سيف الدّين طقمزتمر إِلَى حلب نَائِبا أحبه وَأَقْبل عَلَيْهِ وَلما حضر ألطنبغا المارداني إِلَى حلب أَقَامَ بهَا قَلِيلا وتنكر عَلَيْهِ ثمَّ إِنَّه أمْسكهُ وعزله من نظر جَيش حلب فسير إِلَيْهِ الْأَمِير سيف الدّين طقمزدمر يَطْلُبهُ مِنْهُ وَكَانَ ألطنبغا فِي تِلْكَ الْأَيَّام قد مرض)

مرض الْمَوْت الَّذِي فَارق فِيهِ الْحَيَاة فأفرج عَنهُ وجهزه إِلَى دمشق وَمَات ألطنبغا بعد ذَلِك بيومين وَحضر بهاء الدّين إِلَى دمشق فَأكْرمه الْأَمِير سيف الدّين طقمزدمر وَكتب لَهُ إِلَى السُّلْطَان يطْلب توقيعه بِنَظَر جَيش حلب كَمَا كَانَ فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك وَحضر توقيعه وَتوجه بِهِ إِلَى حلب فِي شهر ربيع الأول سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فَأَقَامَ بهَا مُدَّة قَليلَة وَحضر توقيع القَاضِي بدر الدّين بن الشهَاب مَحْمُود بِنَظَر الْجَيْش عوضا عَن القَاضِي بهاء الدّين ثمَّ قدم إِلَى دمشق فولاه الْأَمِير سيف الدّين طقزدمر نَائِب الشَّام فِي سنة خمس وَأَرْبَعين نظر الْوَقْف المنصوري وَنظر الْخَاص المرتجع فباشرهما قَلِيلا وَتوجه فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين إِلَى الْقَاهِرَة وَتَوَلَّى نظر جَيش حلب أَيْضا وَوصل إِلَيْهَا فَأَقَامَ بهَا شَهْرَيْن أَو دونهمَا ثمَّ عزل بدر الدّين بن الشهَاب مَحْمُود فِي أَيَّام الْكَامِل شعْبَان ثمَّ رَجَعَ إِلَى دمشق وباشر خَاص المرتجع عَن العربان وصحابة ديوَان الْحَرَمَيْنِ بِدِمَشْق وَأقَام كَذَلِك إِلَى أَن توجه إِلَى الْقَاهِرَة وَعَاد فِي جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسَبْعمائة وَقد رسم لَهُ بِأَن يكون فِي جملَة موقعي الدست الشريف بِدِمَشْق بالمعلوم الَّذِي كَانَ لَهُ على ديوَان الْحَرَمَيْنِ الشريفين

وَكنت قد وقفت على شيءٍ بِخَطِّهِ الْفَائِق الْمليح بصفد سنة تسع عشرَة وَسَبْعمائة فَكتبت إِلَيْهِ من الطَّوِيل

(وقفنا على مَا سطرته الأنامل ... فَكَانَ لنا مِنْهُ عَن الرَّوْض شاغل)

(وأذهلنا عَن وشي صنعاء رقمه ... وأهدت إِلَيْنَا السحر فِي الصُّحُف بابل)

(وَشَاهد طرفِي مِنْهُ نور خمائلٍ ... تبدت عَلَيْهِ للشموس مخايل)

<<  <  ج: ص:  >  >>