وَكَانَت تنزل فيهم فغلب عَلَيْهَا وَلَاء زَوجهَا فَقيل إِنَّهَا مولاة الْأَنْصَار وَقيل إِنَّهَا كَانَت لرجل من الْأَنْصَار ينزل بالسنح وَهُوَ الْموضع الَّذِي كَانَ ينزل بِهِ أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ كَانَت جميلَة أصلا من أصُول الْغناء وعنها أَخذ معبد وَابْن عَائِشَة وحبَّابة وسلامة وعقيلة العقيقيّة والشَّماسيَّتان خليدة وربيحة وفيهَا يَقُول عبد الرَّحْمَن بن أَرْطَأَة من المتقارب
(إنّ الدَّلال وَحسن الْغِنَا ... ء وسط بيُوت بني الخرزج)
(وتلكم جميلَة زين النّساء ... إِذا هِيَ تزدان للمخرج)
(إِذا جِئْتهَا بذلك ودَّها ... بوجهٍ منيرٍ لَهَا أَبْلَج)
كَانَ معبد يَقُول أصل الْغناء جميلَة وفرعه نَحن وَلَوْلَا جميلَة لم تكن نَحن مغنين
وسئلت جميلَة أنّي لَك قَالَت وَالله مَا هُوَ إلهام وَلَا تَعْلِيم ولكنّ أَبَا جَعْفَر سائب خائر كَانَ لنا)
جاراً وَكنت أسمعهُ يُغني وَيضْرب بِالْعودِ فَلَا أفهمهُ فَأخذت تِلْكَ النغمات فبنيت علها غنائي فَجَاءَت أَجود
وَكَانَت جميلَة ذَات فضل وأدب وأخبار وَكَانَت آلت على نَفسهَا أَن لَا تغني أحدا إلاّ فِي دارها وَكَانَ يَجِيء إِلَيْهَا أَشْرَاف النَّاس وسراتهم فيقيمون عِنْدهَا فتطعمهم الْأَطْعِمَة الفاخرة والأشربة المنوَّعة وَلها جوارٍ كثيرات وأخبارها فِي كتاب الأغاني كَثِيرَة
(جناب الْكَلْبِيّ)
جناب الْكَلْبِيّ أسلم يَوْم الْفَتْح روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سَمعه يَقُول لرجل إنّ جِبْرِيل عَن يَمِيني وَمِيكَائِيل عَن يساري وَالْمَلَائِكَة قد أظلت عسكري فَخذ فِي بعض هنائك
فَأَطْرَقَ الرجل شَيْئا ثمَّ طفق يَقُول من الْكَامِل
(يَا ركن معتمدٍ وعصمة لائذٍ ... وملاذ منتجعٍ وجار مجاور)
(يَا من تخيَّره الْإِلَه لخلقه ... فحباه بالخلق الزكيّ الطَّاهِر)
(أَنْت النبيُّ وَخير عصبَة آدمٍ ... يَا من يجود كفيض بحرٍ زاخر)
(ميكال مَعَك وجبرئيل كِلَاهُمَا ... مددٌ لنصرك من عزيزٍ قاهر)
قَالَ فَقلت من هَذَا الشَّاعِر فَقيل حسان بن ثَابت فَرَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو لَهُ وَيَقُول لَهُ خيرا