للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

حضر إِلَى صفد نَائِبا وَكَانَ لَهُ مائَة مَمْلُوك وَإِذا ركب فيهم كَانُوا قَرِيبا من عَسْكَر صفد فَأَقَامَ بهَا قَرِيبا من سنتَيْن وَلما حضر السُّلْطَان من الكرك لاقاه إِلَى دمشق وَتوجه مَعَه إِلَى الْقَاهِرَة وَاسْتقر نَائِب السُّلْطَان بِمصْر وَلما كَانَ فِي بعض الْأَيَّام وهما متوجهان إِلَى الْمطعم خرج السُّلْطَان من السرج وَمَال إِلَيْهِ وَقَالَ يَا عمي مَا بَقِي فِي قلبِي من أحد من هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاء أَن أمْسكهُ إِلَّا فلَان وَفُلَان وَذكر لَهُ أميرين فَقَالَ لَهُ يَا خوند مَا تطلع من الْمطعم إِلَّا وتجدني قد أمسكتهما وَكَانَ ذَلِك يَوْم الثُّلَاثَاء فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان لَا يَا عمي أَلا دعهما إِلَى يَوْم الْخَمِيس أَو الْجُمُعَة تمسكهما فِي الصَّلَاة إِذا فرغا مِنْهَا فَقَالَ السّمع وَالطَّاعَة ثمَّ إِنَّه جهز إِلَيْهِ تَشْرِيفًا هائلاً ومركوباً مُعظما وإنعاماً فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْخَمِيس قَالَ لَهُ غَدا نمسكهما فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة قَالَ لَهُ فِي الصَّلَاة أَيْن هما قَالَ حاضران فَقَالَ بعد الصَّلَاة تقدم بِمَا قلت لَك فَلَمَّا انْقَضتْ الصَّلَاة قَالَ يَا عَم وَالله مَا لي وَجه أراهما وأستحي مِنْهُمَا وَلَكِن امسكهما إِذا دخلت أَنا إِلَى الدّور وَتوجه بهما إِلَى الْمَكَان الْفُلَانِيّ تَجِد منكلي بغا وقجليس سلمهما إِلَيْهِمَا وروح فَلَمَّا أمسكهما وَتوجه بهما إِلَى الْمَكَان الْمَذْكُور لَهُ وجد الأميرين قجليس ومنكلي بغا هُنَاكَ فقاما إِلَيْهِ وَقَالا لَهُ عَلَيْك سمعا وَطَاعَة لمولانا السُّلْطَان وأخذا سَيْفه فَقَالَ لَهما يَا خوشداش مَا هُوَ هَكَذَا السَّاعَة كَمَا فارقته وَقَالَ امسك هَؤُلَاءِ فَقَالَا لَهُ مَا الْقَصْد إِلَّا أَنْت فأمسكاه وأطلقا ذَيْنك الأميرين)

وَكَانَ ذَلِك آخر الْعَهْد بِهِ سنة إِحْدَى عشرَة وَسبع مائَة تَقْرِيبًا وَكَانَ فِيهِ خير وبر للصلحاء وَحج حجَّة أنْفق فِيهَا شَيْئا كثيرا وَأعْطى المجاورين بالحرمين الذَّهَب والقمصان والقمح وَكَانَ لَا يحب سفك الدِّمَاء فَكَانَ فِي صفد إِذا احضروا الْقَاتِل ضربه ضربا مبرحاً قَرِيبا من السَّبع مائَة عَصا ورماه فِي الْحَبْس وَيَقُول الْحَيّ خير من الْمَيِّت فَكثر الْعَبَث وَالْفساد فِي صفد وبلادها وَكَانَ هُوَ وَولده مُحَمَّد فِي اللّعب بالكرة فارسين وَولده أَفرس مِنْهُ وَكَانَ لَهُ من الْأَوْلَاد مُحَمَّد هَذَا وخليل وَإِبْرَاهِيم وَأحمد فِيمَا أَظن وَكَانَ يكثر اللّعب بالكرة فِي صفد وَيضْرب لَهُ خاماً على قَرْيَة بيريا ظَاهر صفد وَيُقِيم هُنَاكَ هُوَ وحريمه أَيَّامًا وَيعْمل المواكب هُنَاكَ ودور الْعدْل وَعمر المغارة الَّتِي بصفد وَأَنْشَأَ لَهَا غراساً وَدفن بهَا زَوجته ورتب للمغارة والسهريج على الدِّيوَان السلطاني مُرَتبا وَهُوَ إِلَى الْيَوْم وَلما كَانَ السُّلْطَان فِي الكرك كَانَ يكْتب إِلَيْهِ وَإِلَى ابْنه نَاصِر الدّين مُحَمَّد كثيرا ويخاطبه يَا أخي قل لِعَمِّي كَذَا وَطول روحك إِلَى أَن يقدر الله لنا الْخَيْر

[بكتوت]

٣ - (أستادار النَّاصِر)

بكتوت الْأَمِير سيف الدّين العزيزي استادار الْملك النَّاصِر كَانَ ذَا حُرْمَة وافرة ورتبة عالية ومهابة شَدِيدَة وَيَد مبسوطة وَبِيَدِهِ الإقطاعات الضخمة وَله الْأَمْوَال الجمة وَكَانَ شجاعاً جيد السياسة توفّي سنة سِتّ وَخمسين وست مائَة مُجَردا بالنواحي الْقبلية

<<  <  ج: ص:  >  >>