يكره الظُّلم ويؤثر الْعدْل وينقاد للشَّرْع وَيكْتب خطا قَوِيا مَنْسُوبا ويجيد ضرب الْعود وصنف مَذَاهِب فِي النغم نقلت عَنهُ أبطل بوساطة وزيره مُحَمَّد بن الرشيد مكوساً كَثِيرَة وفواحش وخموراً وَهدم كنائس بَغْدَاد وخلع على من أسلم من الذِّمَّة وَأسْقط مكوس الْفَاكِهَة من سَائِر ممالكه وَورث ذَوي الْأَرْحَام وَكَانَ قبل مَوته بِسنة قد حج ركب الْعرَاق وَكَانَ الْمُقدم عَلَيْهِ بطلاً شجاعاً فَلم يُمكن أحدا من الْعَرَب يَأْخُذ من الركب شَيْئا فَلَمَّا كَانَت السّنة الثَّانِيَة خرج الْعَرَب على الركب ونهبوه وَأخذُوا مِنْهُم شَيْئا كثيرا فَلَمَّا عَادوا شكوا إِلَيْهِ
فَقَالَ هَؤُلَاءِ الْعَرَب فِي مملكتنا أَو فِي مملكة النَّاصِر وَإِنَّمَا هَؤُلَاءِ فِي الْبَريَّة لَا يحكم عَلَيْهِم أحد يعيشون بقائم سيفهم مِمَّن يمر عَلَيْهِم وَقَالَ هَؤُلَاءِ فُقَرَاء كم مِقْدَار مَا يَأْخُذُونَ من الركب نَحن نَكُون نحمله إِلَيْهِم من عندنَا كل سنة وَلَا ندعهم يَأْخُذُونَ من الرعايا شَيْئا فَقَالُوا لَهُ يَأْخُذُونَ ثَلَاثِينَ ألف دِينَار ليراها كَثِيرَة فيطلبها فَقَالَ هَذَا الْقدر مَا يَكفهمْ وَلَا يكفيهم)
اجْعَلُوهَا كل سنة سِتِّينَ ألف دِينَار وَتَكون تحمل من بَيت المَال كل سنة إِلَيْهِم صُحْبَة متسفر من عندنَا فَمَاتَ تِلْكَ السّنة رَحمَه الله تَعَالَى وَلم يسفر شَيْء وهادن سُلْطَان الْإِسْلَام وهاداه وانقرض بَيت هولاكو بِمَوْتِهِ وَجَرت بعده أُمُور يطول الشَّرْح فِيهَا وَقيل إِنَّه كَانَ عنيناً
(بوزبا مَمْلُوك صَاحب حماة)
بوزبا الْأَمِير أَبُو سعيد التقوي مَمْلُوك تَقِيّ الدّين عمر صَاحب حماة كَانَ من جملَة الْعَسْكَر الَّذين دخلُوا الْمغرب وخدم من السُّلْطَان عبد الْمُؤمن جَاءَ الْخَبَر سنة إِحْدَى وسِتمِائَة أَنه مَاتَ غريقاً وعَلى بركَة الْفِيل دَار تعرف بدار بوزبا وَهِي قُدَّام بَاب جَامع قوصون على بَابهَا عامود وَمَا أَدْرِي هَل هِيَ كَانَت لبوزبا هَذَا أَو لغيره وَالله أعلم
ابْن البوقا الْوَزير إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد
[بولص الحبيس الراهب]
بولص الراهب الْمَعْرُوف بالحبيس قيل اسْمه ميخائيل كَانَ كَاتبا أَولا ثمَّ ترهب وَانْقطع فِي جبل حلوان بالديار المصرية يُقَال إِنَّه ظفر بِمَال دَفِين فِي مغارة فواسى بِهِ الْفُقَرَاء من كل مِلَّة وَقَامَ عَن المصادرين بجمل وافرة وَكَانَ أول ظُهُور أمره أَنه وَقعت نَار بحارة الباطلية سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وسِتمِائَة فأحرقت ثَلَاثًا وَسِتِّينَ دَارا جَامِعَة ثمَّ كثر الْحَرِيق بعد ذَلِك حَتَّى احْتَرَقَ ربع فَرح وَكَانَ وَقفا على أَشْرَاف الْمَدِينَة وَالْوَجْه المطل على النّيل من ربع الْعَادِل واتهم بذلك النَّصَارَى فعزم الظَّاهِر على استئصال النَّصَارَى وَالْيَهُود وَأمر بِوَضْع الحلفا والأحطاب فِي حفيرة كَانَت فِي القلعة وَأَن تضرم النَّار فِيهَا ويلقى فِيهَا الْيَهُود وَالنَّصَارَى
فَجمعُوا حَتَّى لم يبْق مِنْهُم إِلَّا من هرب وكتفوا ليرموا فِيهَا فشفع فيهم الْأُمَرَاء وَأمر أَن يشتروا أنفسهم