وَإِذا كَانَ للْحَدِيث اسنادان أَو أَكثر كتبُوا عِنْد الِانْتِقَال من اسناد إِلَى آخر صُورَة ح وَهِي حاء مُهْملَة وَالْمُخْتَار أَنَّهَا مَأْخُوذَة من التَّحْوِيل وَأَن يَقُول الْقَارئ إِذا انْتهى إِلَيْهَا ح وَقيل أَنَّهَا من حَال بَين الشَّيْئَيْنِ وَيُقَال أَن أهل الْمغرب إِذا وصلوا إِلَيْهَا قَالُوا الحَدِيث وَقد كتب جمَاعَة من الْحفاظ موضعهَا صَحَّ يشْعر بِأَنَّهَا رمز هَكَذَا ذكره الشَّيْخ محيي الدّين النَّوَوِيّ رَحمَه الله تَعَالَى وَهِي كَثِيرَة فِي صَحِيح البُخَارِيّ وَمُسلم رحمهمَا الله تَعَالَى وَجَرت عَادَة الْمُحدثين والمورخين والأدباء إِذا جَاءَ ذكر آيَة من الْقُرْآن الْكَرِيم أَو حَدِيث مَشْهُور أَو بَيت شعر اشْتهر أَو تقدم ذكره آنِفا أَن يذكر أول الْآيَة ثمَّ يَقُول الْآيَة بِالنّصب على اضمار أُرِيد أَو أَعنِي وَكَذَا يذكر لفظا من الحَدِيث وَيَقُول الحَدِيث وَأول الْبَيْت وَيَقُول الْبَيْت وَبَعْضهمْ يقْرَأ الْآيَة ويكمل الحَدِيث إِن كَانَ يحفظه وَهُوَ الْأَحْسَن وَبَعْضهمْ يقْتَصر على لَفظه كَمَا هُوَ مَكْتُوب لكنه يحسن أَن يقف عَلَيْهِ قَلِيلا وَلما اشْتهر بَين الْمُحدثين هَذِه الْكتب الصِّحَاح البُخَارِيّ وَمُسلم والموطأ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة جعلُوا رمزاً لكل اسْم مِنْهُم فَجعلُوا للْبُخَارِيّ خَ وَلمُسلم م وللموطأ ط وللترمذي ت وللنسائي ن وَلأبي دَاوُد د ولأبن ماجة ق وَإِنَّمَا رمزوا الْقَاف وَإِن لم يكن فِي شَيْء من اسْمه لأَنهم لَو رمزوا لَهُ بِالْجِيم لاشتبه حِينَئِذٍ بِالْخَاءِ للْبُخَارِيّ فِي الصُّورَة فَجعلُوا الْقَاف رمزا لِأَنَّهُ من قزوين
(الْفَصْل السَّابِع)
جرت عَادَة المورخين أَنهم يرتبون مصنفاتهم إِمَّا على السنين وَهُوَ الْأَلْيَق بالتاريخ لِأَن)
الْحَوَادِث والوقائع تَجِيء فِيهِ مرتبَة متتالية وَمِنْهُم من يرتبها على الْحُرُوف وَهُوَ الْأَلْيَق بالتراجم فَإِن الرجل الْمَذْكُور فِي الْحَرْف يذكر مَا وَقع لَهُ فِي السنين المتعددة فِي مَوْضِعه دفْعَة وَاحِدَة إِمَّا بإجمال وَهُوَ الْأَكْثَر وَإِمَّا بتفصيل وَهُوَ قَلِيل وَأحسن تَرْتِيب فِي الْحُرُوف مَا رتب على حُرُوف أهل الْمشرق هِيَ ألف بَاء تَاء ثاء جِيم حاء خاء ثمَّ تسرد متماثلين متماثلين إِلَى كَاف لَام مِيم نون هَاء وَاو لَام ألف يَاء وَبَعْضهمْ قدم الْوَاو على الْهَاء وَمِنْهُم الْجَوْهَرِي فِي صحاحه فَأَما حُرُوف المغاربة فَإِنَّهُم وافقوا المشارقة من أَولهَا إِلَى الزَّاي ثمَّ قَالُوا طاء ظاء كَاف لَام مِيم نون صَاد ضاد عين غين فَاء قَاف سين شين هَاء وَاو يَاء وترتيب المشارقة أحسن وانسب لأَنهم اثبتوا الْألف أَولا وَأتوا بِالْبَاء وَالتَّاء والثاء ثَلَاثَة وَبعدهَا جِيم حاء خاء ثَلَاثَة متشابهة فِي الصُّور أَيْضا ثمَّ أَنهم سردوها كل اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ متشابهين إِلَى الْقَاف وَأتوا بعد ذَلِك بِمَا لم يتشابه فَكَانَ ذَلِك انسب وَبَعْضهمْ رتب ذَلِك على حُرُوف أبجد وَلَيْسَ بِحسن وَبَعْضهمْ رتب ذَلِك على مخارج الْحُرُوف وهم بعض أهل اللُّغَة كصاحب الْمُحكم والأزهري وَالتَّحْقِيق أَن تَقول همزَة ألف بَاء تَاء ثاء فَإِن الْهمزَة غير الْألف وَهَذِه النُّكْتَة تَنْفَع من يرتب الشّعْر على القوافي فيذكر الْهمزَة أَولا وَالْألف ثَانِيًا وَيَجِيء فِيهَا الْمَقْصُور كُله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute