(اللهُ فَرد واحِدٌ ... فاجعْلْ وُلاة الْأَمر فَردا)
وَكَانَ يألف قينةً فاشتراها الرشيد فَقَالَ إِسْمَاعِيل فِي ذَلِك من السَّرِيع
(يَا مَن رماني الدهُر من فَقده ... بفرقةٍ قد شتّتتْ شَمْلي)
(ذكرتُ أيامَ اجْتِمَاع الْهوى ... وقرّةً الْأَعْين بالوصلِ)
)
(وَنحن فِي غرّة دهرٍ لنا ... نطالب الْأَزْمَان بالذَّحْل)
(فكدت أَقْْضِي من قَضَاء النَّوَى ... عليّ بعد العزِّ بالذلّ)
(وَلَيْسَ ذكري لَك عَن خاطر ... بل هُوَ مَوْصُول بِلَا فصل)
٣ - (الْكَاتِب)
إِسْمَاعِيل بن صبيح الْكَاتِب على ديوَان الرسائل والتوقيع والسر وضياع الْخَاصَّة والعوافي لهارون الرشيد كَانَ كَاتبا حَافِظًا بليغاً دخل أَعْرَابِي على الرشيد وَإِسْمَاعِيل بن صبيح يكْتب بَين يَدَيْهِ وَكَانَ أحسن النَّاس خطا وأسرعهم يدا فَقَالَ أرجوزةً فَقَالَ لَهُ الرشيد صف هَذَا فَقَالَ مَا رَأَيْت أطيش من قلمه وَلَا أثبت من حلمه ثمَّ قَالَ
(رقيقُ حَوَاشِي الحلْم حِين تثوره ... يُرِيك الهُوَينا والأمور تطيرُ)
(لَهُ قَلما بؤسَى ونُعْمى كِلَاهُمَا ... سَحابتُه فِي الحالتَين دَرُورُ)
(يناجيك عمّا فِي ضميرك لحظُه ... وَيفتح بابَ النُّجْح وَهُوَ عسيرُ)
فَقَالَ الرشيد وَجب لَك يَا أَعْرَابِي حق عَلَيْهِ وَهُوَ يقضيك إِيَّاه وَحقّ علينا فِيهِ وَنحن نقوم بِهِ إِلَيْهِ ادفعوا إِلَيْهِ دِيَة الْحر فَقَالَ إِسْمَاعِيل وَله عَليّ دِيَة العَبْد وَقَالَ إِسْمَاعِيل كنت يَوْمًا بَين يَدي يحيى بن خَالِد فَإِذا جَعْفَر بن يحيى قد دخل فَلَمَّا رَآهُ من بُعدٍ أشاح بِوَجْهِهِ وَأعْرض فَقلت لَهُ بعد أَن نَهَضَ جعلني الله فدَاك تفعل هَذَا بابنك وحاله عِنْد الرشيد حَاله وموضعه مَوْضِعه مَا يقدم عَلَيْهِ ولدا وَلَا وليا قَالَ إِلَيْك عني أَيهَا الرجل فو الله لَا يكون هَلَاك هَذَا الْبَيْت إِلَّا بِسَبَبِهِ فَلَمَّا كَانَ بعد ذَلِك بِشَهْر أَو نَحوه دخل أَيْضا عَلَيْهِ مثل ذَلِك الدُّخُول فَفعل مثل ذَلِك الْفِعْل فَأَعَدْت عَلَيْهِ مثل ذَلِك القَوْل فَقَالَ أدن مني الدواة فأدنيتها فَأخذ رقْعَة وَكتب فِيهَا كلماتٍ يسيرَة ثمَّ خَتمهَا وَقَالَ لتكن عنْدك هَذِه فَإِذا دخلت سنة سبعٍ وَثَمَانِينَ وَمضى شهر الْمحرم وَدخل من صفر يَوْمَانِ فَانْظُر فِيهَا فَلَمَّا كَانَ ذَلِك الْوَقْت أوقع الرشيد بهم فَنَظَرت فَإِذا هُوَ الْيَوْم الَّذِي ذكره قَالَ إِسْمَاعِيل فَكَانَ يحيى من أَحسب النَّاس وأعلمهم بالنجوم قَالَ مَيْمُون بن هَارُون قَالَ لي عبيد الله بن سُلَيْمَان حَدثنِي الْفضل بن مَرْوَان إِن أول من كذب من رُؤَسَاء النَّاس الْكتاب ووعدوهم الولايات والأعمال ومطلوهم بهَا وَلم يفوا بِشَيْء مِنْهَا إِسْمَاعِيل بن صبيح وَمَا كَانَ النَّاس قبل ذَلِك يعْرفُونَ المواعيد الكاذبة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute