ثمَّ أَن أَبَا بكر بَادر إِلَى مُشْركي قُرَيْش فَأخْبرهُم بِمَا نزل عَلَيْهِم فِيهِ فَقَالَ لَهُ أبين بن خلف خاطرني على ذَلِك فخاطره على خمس قلايص وَقدر لَهُ مُدَّة الثَّلَاث سِنِين ثمَّ أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ كم الْبضْع فَقَالَ مَا بَين الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة فَأخْبرهُ بِمَا خاطر بِهِ أبي بن خلف فَقَالَ مَا حملك على تقريب الْمدَّة فَقَالَ الثِّقَة بِاللَّه وَرَسُوله فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عد إِلَيْهِم فزدهم فِي الْخطر وازدد فِي الْأَجَل فَزَادَهُم قلوصين وازداد مِنْهُم فِي الْأَجَل سنتَيْن فاظفر الله تَعَالَى الرّوم بِفَارِس قبل انْقِضَاء الْأَجَل الثَّانِي تَصْدِيقًا لتقدير أبي بكر رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ أبي قد مَاتَ من جرح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخذ أَبُو بكر الْخطر من وَرَثَة أبي فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تصدق بِهِ وَكَانَت المخاطرة بَينهمَا قبل تَحْرِيم الْقمَار وَقيل الَّذِي خاطر أَبَا بكر إِنَّمَا هُوَ أَبُو سُفْيَان وَالْأول أصح
(الْفَصْل الرَّابِع)
(النّسَب مِمَّا يضْطَر إِلَيْهِ المورخ)
)
فَأَقُول النّسَب هُوَ الْإِضَافَة لِأَن النّسَب إِضَافَة شَيْء إِلَى بلد أَو قَرْيَة أَو صناعَة أَو مَذْهَب أَو عقيدة أَو علم أَو قَبيلَة أَو وَالِد كَقَوْلِك مصري أَو مزي أَو منجنيقي أَو شَافِعِيّ أَو معتزلي أَو نحوي أَو زهري أَو خالدي فَهَذَا الْمَعْنى إِنَّمَا هُوَ إِضَافَة وَلِهَذَا كَانَ النُّحَاة الأقدمون يترجمونه بِبَاب الْإِضَافَة وَإِنَّمَا سميته نسبا لِأَنَّك عَرفته بذلك كَمَا تعرف الْإِنْسَان بآبائه وَإِنَّمَا زيد عَلَيْهِ حرف لنقله إِلَى الْمَعْنى الْحَادِث عَلَيْهِ طرداً للقاعدة فِي التَّأْنِيث والتثنية وَالْجمع فَإِن قلت لأي شَيْء اخْتصّت الْيَاء دون اختيها الْوَاو وَالْألف وَالْكل من حُرُوف الْمَدّ واللين قلت لِأَن النّسَب قد تقرر أَنه إِضَافَة شَيْء إِلَى شَيْء فِي الْمَعْنى وَأثر الْإِضَافَة فِي الثَّانِي الْجَرّ والكسرة من جنس الْيَاء فَنَاسَبَ زِيَادَة الْيَاء دون الْوَاو وَالْألف فأعرفه فَإِن قلت فلأي شَيْء شَدَّدُوا يَاء النّسَب قلت لِأَن النّسَب أبلغ فِي الْمَعْنى من الْإِضَافَة فشددوا للدلالة على الْمَعْنى لأَنهم قَالُوا صَرْصَر الْبَازِي وصر الجندب فَإِن قلت فلأي شَيْء كسروا مَا قبلهَا قلت توطيداً لَهَا واعتناءً بأمرها لِأَن الْيَاء لَا يكون مَا قبلهَا إِلَّا من جِنْسهَا إِذا نسبت إِلَى الِاسْم الصَّحِيح الثلاثي الْمُفْرد أقررته على بنائِهِ فَتَقول بكري وعمري إِلَّا أَن يكون مكسور الْعين فتقل نمري ومعدي وابلي ودؤلي نِسْبَة إِلَى نمر ومعدة وابل ودؤل فتفتح الْمِيم وَالْعين وَالْبَاء وَالْوَاو وَإِنَّمَا فعلوا ذَلِك فِرَارًا من توالي الكسرات وَإِذا نسبت إِلَى رباعي أَو خماسي أقررته على بنائِهِ وزدته يَاء النّسَب فَتَقول أحمدي وسفرجلي نِسْبَة إِلَى أَحْمد وسفرجل فَإِن كَانَت عين الرباعي مَكْسُورَة مثل تغلب ويثرب ومغرب ومشرق قلت تغلبي ويثربي ومغربي ومشرقي بِكَسْر ثالثه وَعند الْمبرد الْفَتْح مطرد وَعند سِيبَوَيْهٍ مَقْصُور على السماع وَإِذا نسبت إِلَى معتل الطّرف محذوفه لزمك فِي النّسَب رد مَا حذف مِنْهُ فَتَقول أخوي وأبوي وذووي وعموي وغدوى وعضوى نِسْبَة الى أَخ وَأب وَذُو بِمَعْنى صَاحب وَعم