للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣ - (أَبُو حَفْص الشَّطرنجيّ)

عمر بن عبد الْعَزِيز أَبُو حَفْص الشِّطرنجي مولى بني الْعَبَّاس كَانَ أَبوهُ أعجميًّا من موَالِي الْمَنْصُور وَنَشَأ عمر فِي دَار الْمهْدي وَمَعَ أَوْلَاد موَالِيه فَكَانَ كأحدهم وتأدَّب وَكَانَ مشغوفاً بلعب الشطرنج ولمَّا مَاتَ الْمهْدي انْقَطع إِلَى عُلَيَّة وَخرج مَعهَا لمَّا زُوِّجت وَعَاد مَعهَا لمَّا عَادَتْ إِلَى الْقصر وَكَانَ يَقُول لَهَا الْأَشْعَار فِي مَا تريده من الْأُمُور بَينهَا وَبَين إخوتها وَبني أَخِيهَا من الْخُلَفَاء فتنتحل بعض ذَلِك وتترك بعضه

وَقَالَ مُحَمَّد بن الجهم الْبَرْمَكِي رأيتُ أَبَا حَفْص الشطرنجي فرأيتُ مِنْهُ إنْسَانا يُلهيك حُضُوره عَن كلِّ غَائِب وتسليك مُجَالَسَته عَن كل الهموم والمصائب قربه عُرْسٌ وَحَدِيثه أُنْسٌ وجدُّه لعبٌ ولعبُه جدٌّ دَيِّنٌ ماجنٌ إِن لبستَه على ظَاهِرَة لبستَه مَومُوقاً لَا تملّه وإنْ تتبَّعته لتنظرَ خبرته وقفتَ على مروءةٍ لَا تطور الْفَوَاحِش بجنباتها وَكَانَ مَا عَلمته أقلّ مَا فِيهِ الشّعْر وَهُوَ الَّذِي يَقُول

(تجنَّبْ فإنَّ الحبَّ داعيةُ الحبِّ ... وَكم من بعيد الدَّار مستوجبُ القربِ)

(إِذا لم يكن فِي الحبِّ سخطٌ وَلَا رضى ... فَأَيْنَ حلاواتُ الرسائل والكتبِ)

(تفكَّر فإنْ حدِّثتَ أنَّ أَخا هوى ... نجا سالما فارجُ النجاةَ من الحُبِّ)

(وأطيبُ أَيَّام الهَوَى يَوْمك الَّذِي ... تُروَّعُ بالهجران فِيهِ وبالعَتْبِ)

وَمن شعره

(وَقد حسدوني قربَ داريَ منكمُ ... وَكم من قريبِ الدارِ وَهُوَ بعيدُ)

)

(دخولك من بَاب الهَوَى إِن أردته ... يسيرٌ ولكنَّ الخروجَ شديدُ)

وَقَالَ لَهُ الرشيد يَوْمًا يَا حَبِيبِي لقد أَحْسَنت مَا شئتَ فِي بَيْتَيْنِ قلتهما فَقَالَ مَا هما يَا سَيِّدي فَمن شرفهما استحسانك فَقَالَ قَوْلك

(لم ألقَ ذَا شجنٍ يبوح بحبِّه ... إلَاّ حسبتكَ ذَلِك المحبوبا)

(حذرا عَلَيْك وإنَّني بك واثقٌ ... أَن لَا ينالَ سوايَ مِنْك نَصِيبا)

<<  <  ج: ص:  >  >>