استولى التتار على حلب وبذلوا السَّيْف فِيهَا اعْتصمَ بقلعتها وحماها ثمَّ سلمهَا بالأمان وأدركه الْأَجَل على أثر ذَلِك وَلم يكن عدلا وَرُبمَا تعاطى الْمحرم فَإِن الدمياطي يَقُول أخبرنَا فِي حَال الاسْتقَامَة
توفّي فِي سَابِع عشْرين شهر ربيع الأول سنة ثَمَان وَخمسين وست مائَة وَدفن بدهليز دَاره وَله ثَلَاثُونَ سنة
٣ - (ابْن الْأَمِير عَبَّاس الْحلَبِي)
الْمَعْرُوف بالشيخ شمس الدّين الزَّاهِد كَانَ من أحسن النَّاس صُورَة فتزهد فِي صباه وَصَحب الشَّيْخ عبد الله اليونيني وَلزِمَ الْعِبَادَة فَبنى لَهُ أَبوهُ الزاوية الْمَعْرُوفَة بِهِ بِظَاهِر حلب وَكَانَ صَاحب أَحْوَال ورياضات وجد وَكَانَ يُسمى عروس الشَّام قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين إِنَّه عمل خلْوَة أَرْبَعِينَ يَوْمًا بوقية تمر وَخرج مَعَه ثَلَاث تمرات وَقَالَ الشَّيْخ سُلَيْمَان الجعبري مَا رَأَيْت شَيخا أَصْبِر على حمل الْأَذَى من الشَّيْخ شمس الدّين ابْن عَبَّاس وَقَالَ الشَّيْخ خضر بن الأكحل مَا رَأَيْت شَيخا أكْرم أَخْلَاقًا من الشَّيْخ شمس الدّين ابْن عَبَّاس كَانَ يطعم الْفُقَرَاء ويخضع لَهُم ويباسطهم وَكَانَ صَاحب حلب يَجِيء إِلَى عِنْده فَمَا يلْتَفت عَلَيْهِ وَمَا يصدق مَتى يُفَارِقهُ وَكَانَ يمد للْفُقَرَاء الْأَطْعِمَة والحلاوات وَتُوفِّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وست مائَة
٣ - (الْمُعظم بن الصَّالح)
توران شاه بن أَيُّوب بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد السُّلْطَان الْملك الْمُعظم غياث الدّين بن الصَّالح نجم الدّين بن الْكَامِل ابْن الْعَادِل لما توفّي الْملك الصَّالح وَالِده جمع فَخر الدّين بن الشَّيْخ الْأُمَرَاء وحلفوا لَهُ وَكَانَ بحصن كيفا وسيروا إِلَيْهِ الْفَارِس أقطايا فساق على الْبَريَّة وَعَاد بِهِ على الْبَريَّة لَا يعْتَرض عَلَيْهِ أحد من مُلُوك الشَّام فكاد يهْلك عطشاً وَدخل دمشق بأبهة السلطنة فِي أَوَاخِر رَمَضَان وَنزل القلعة وَأنْفق الْأَمْوَال وأحبه النَّاس ثمَّ سَار إِلَى مصر بعد عيد)
الْأَضْحَى فاتفق كسرة الفرنج خذلهم الله عِنْد قدومه ففرح النَّاس وتيمنوا بِوَجْهِهِ لَكِن بَدَت مِنْهُ أُمُور نفرت النَّاس عَنهُ مِنْهَا أَنه كَانَ فِيهِ خفَّة وطيش وَكَانَ وَالِده الصَّالح يَقُول وَلَدي مَا يصلح للْملك وألح عَلَيْهِ يَوْمًا الْأَمِير حسام الدّين بن أبي عَليّ وَطلب إِحْضَاره من حصن كيفا فَقَالَ أُجِيبهُ إِلَيْهِم يقتلونه فَكَانَ الْأَمر كَمَا قَالَ أَبوهُ وَقَالَ سعد الدّين ابْن حمويه لما قدم الْمُعظم طَال لِسَان كل من كَانَ خاملاً أَيَّام أَبِيه ووجدوه مختل الْعقل سيء التَّدْبِير دفع خبز فَخر الدّين بن الشَّيْخ بحواصله لجوهر الْخَادِم لالاته وانتظر الْأُمَرَاء أَن يعطيهم كَمَا أعْطى أُمَرَاء دمشق فَلم يرَوا لذَلِك أثرا وَكَانَ لَا يزَال يُحَرك كتفه الْأَيْمن مَعَ نصف وَجهه وَكَثِيرًا مَا يولع بلحيته وَمَتى سكر ضرب الشمع بِالسَّيْفِ وَقَالَ هَكَذَا أفعل بمماليك أبي ويتهدد الْأُمَرَاء بِالْقَتْلِ فشوش قُلُوب الْجَمِيع ومقتوه وصادف بخله