(تصافح الْحور والولدان مِنْك يدا ... كم أظهرت فِي الندى وَالْفضل آيَات)
(من ذَا يُعِيد دروس النَّحْو إِن درست ... ربوعها بالعبارات الجليات)
(وَمن لعلم الْمعَانِي وَالْبَيَان وَمن ... يُبْدِي بعلميهما سر البلاغات)
(وَمن يزف عروس النّظم سافرةً ... قد حليت بعقودٍ جوهريات)
(إِذا أديرت على أسماعنا خلبت ... ألبابنا بكئوسٍ بابليات)
(ويرقم الطرس أسطاراً فنحسبها ... سوالفاً عطفت من فَوق وجنات)
(وَمن إِذا بِدعَة عنت يمزقها ... سَطَا براهينه بالمشرفيات)
(وَإِن أَتَت مشكلاتٌ بَعْدَمَا اتضحت ... وَأَقْبَلت كالدياجي المدلهمات)
(نضا نصول أصُول الدّين لامعة ... فَيقطع الشُّبُهَات الفلسفيات)
(وَمن يُفِيد الورى فِي علمه حكما ... تجلى ويبدي رياضاً فِي الرياضات)
(وَمن يذيب دموع الْعين من أسفٍ ... إِذا ارْتقى منبراً بَين الْجَمَاعَات)
(ويوقظ الْأَنْفس اللَّاتِي غَدَتْ سفهاً ... من لهوها والتصابي فِي منامات)
(وتقتفيه إِلَى الْعرْفَان تاركةً ... قَبِيح مَا ارتكبته من غوايات)
(لِيهن قبرك مَا قد حَاز مِنْك فَمَا ... ضمت حَشا كل قبرٍ طَاهِر الذَّات)
(وجاد تربتك الغراء ساريةٌ ... تحل فِيهَا الْعُقُود اللؤلؤيات)
(وكل يَوْم تحياتي تباكرها ... فتفضح النسمات العنبريات)
٣ - (الصاحب قوام الدّين بن الطراح)
الْحسن بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن عبد الْكَرِيم بن أبي سعد الصاحب قوام الدّين ابْن الطراح
أَخْبرنِي العلاّمة أثير الدّين أَبُو حيَّان قَالَ هُوَ من بَيت علم وَحَدِيث ورياسة وَله معرفَة بنحوٍ ولغة ونجوم وحساب وأدب وَغير ذَلِك)
وَكَانَ فِيهِ تشيع يسير قَالَ لي وَإِنِّي أول من تشيع من أهل بيتنا وَكَانَ حسن الصُّحْبَة والمحاورة وَكَانَ لِأَخِيهِ فَخر الدّين أبي مُحَمَّد المظفر بن مُحَمَّد تقدم عِنْد التتار
قدم علينا قوام الدّين الْقَاهِرَة ثمَّ سَافر إِلَى الشَّام ثمَّ كرّ مِنْهَا رَاجعا إِلَى الْعرَاق مَعَ غازان
وَكنت سَأَلته أَن يُوَجه إِلَيّ شَيْئا من أخباره وَعَمن أَخذ من أهل الْعلم وشيئاً من شعره فَوجه لي بذلك وَكتب لي من شعره بِخَطِّهِ من المنسرح
(غَدِير دمعي فِي الخد يطرد ... ونار وجدي فِي الْقلب تتقد)
ومهجة فِي هَوَاك أتلفهَا الشوق وقلبٌ أودى بِهِ الكمد
(وَعدك لَا يَنْقَضِي لَهُ أمدٌ ... وَلَا ليل المطال مِنْك غَد)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(لقد جمعت فِي وَجهه لمحبه ... بَدَائِع لم يجمعن فِي الشَّمْس والبدر)
(حبابٌ وخمرٌ فِي عقيقٍ ونرجسٍ ... وآسٌ وريحانٌ وليلٌ على فجر)
وَقَالَ كتب إِلَيّ أخي أَبُو مُحَمَّد المظفر يعاتبني على انقطاعي عَنهُ وَهُوَ الَّذِي رباني وكفلني بعد الْوَالِد من الْكَامِل
(لَو كنت يَا ابْن أبي حفظت إخائي ... مَا طبت نفسا سَاعَة بجفائي)